المتحيز هو الجسم و الجوهر الفرد و غير المتحيز هو العرض
المحدث إمّا أن يكون متحيّزا او قائما بالمتحيّز، او لا متحيّزا و
لا قائما بالمتحيّز، أمّا القسم الثالث فقد أنكره الجمهور من المتكلّمين. و أقوى
ما لهم فيه أنّا لو فرضنا موجودا غير متحيّز و لا حالّ فيه لكان مساويا لذات اللّه
تعالى فيه، و يلزم من الاستواء فيه الاستواء في تمام الماهيّة. و هذا ضعيف، لأنّ
الاشتراك في السّلوب لا يقتضي التّماثل و إلّا لزم تماثل المختلفات، لأنّ كلّ مختلفين
لا بدّ و أن يشتركا في سلب كلّ ما عداهما عنهما. و أمّا المتحيّز فقد قال
المتكلّمون: إنّه إمّا أن يكون قابلا للانقسام او لا يكون. و الأوّل هو الجسم، و
الثاني هو الجوهر الفرد. و عند المعتزلة اسم الجسم لا يقع إلّا على الطّويل العريض
العميق. و على التفسير الّذي قلنا: الجسم ما فيه التأليف، و أقلّه جوهران. و هذا
بحث لغوىّ.
أقول: الأقدمون من المتكلّمين قالوا: المتحيّز هو الجوهر، و الحالّ فيه هو
العرض. و الموجود الّذي لا يكون جوهرا و لا عرضا هو اللّه تعالى. و على هذا الوجه
قالوا باستحالة وجود محدث غير متحيّز و لا حالّ فيه، لا كما قاله، فانّ ذلك لا
يقوله عاقل. و القول بانّ كلّ مؤلّف جسم ممّا تفرّد به أبو الحسن الأشعريّ و
الباقون اعتبروا فيه الأبعاد الثلاثة، فقال الكعبىّ: أقلّه يحصل من أربعة جواهر،
ثلاثة كمثلّث و رابعها فوقها، و يصير بها كمخروط ذي أربعة أضلاع مثلّثات.
و قال باقي المعتزلة: أقلّه من ثمانية جواهر يتألّف كمكعّب ذى ستّة
أضلاع مربّعات. و الفلاسفة أيضا اعتبروا فيه قبول الأبعاد الثّلاثة مع إنكار كونه
مؤلّفا من جواهر أفراد.