العالم عبارة عمّا سوى اللّه تعالى، و ما سوى اللّه تعالى إمّا جواهر
و إمّا أعراض.
و إذا ثبت احتياج الجواهر إلى موجد ثبت احتياج الأعراض إليه
لاحتياجها إلى ما تحتاج إليه. و المتكلّمون ينكرون وجود جواهر غير جسمانيّة كما
سيجيء بيانه، و يثبتون أوّلا حدوث الأجسام و الجواهر، و يستدلّون بذلك على إثبات
محدثها القديم. و لهم في إثبات حدوث الأجسام طرق:
طريق اوّل
أحدها قولهم: كلّ جسم لا يخلو من الحوادث، و كلّ ما لا يخلو من
الحوادث فهو حادث، فكلّ جسم حادث. و هذه الحجّة مبنيّة على إثبات أربع دعاو:
إحداها إثبات وجود الحوادث. و الثانية بيان أنّ كلّ جسم لا يخلو
منها. و الثالثة بيان حدوثها جميعا. و الرابعة بيان أنّ كلّ ما لا يخلو من الحوادث
حادث.
(1) أمّا الأوّل فظاهر، فإنّ الأكوان، أعنى الحركات و السكونات و
الاجتماعات و الافتراقات، امور ثبوتيّة هى غير الأجسام. و ذلك لأنّ الحركة هى كون
الجسم في حيّز بعد كونه في حيّز آخر، و السكون هو كونه في حيّز بعد كونه في ذلك
الحيّز و الاجتماع هو كون الجسمين في حيّزين على وجه لا يمكن أن يتخلّل بينهما
جوهر و الافتراق هو كونهما في حيّزين على وجه يمكن أن يتخلل بينهما جوهر. و
الأكوان تتبدّل و تتغيّر مع ثبوت الأجسام فهى