القيام بما يقوم به إلّا بها. و لأنّه إذا فرّ يعمّ ضرره بخلاف ما
إذا فر كل واحد من رعيّته.
و رابعتها كونه أفضل من كل واحد من رعيته، و أشجع و أسخى، و بالجملة
أكمل في كل ما يعد من الكمالات، لأنه مقدم عليهم و تقديم الرجل على من هو أكمل منه
قبيح عقلا.
و خامستها كونه طاهرا من العيوب المنفّرة خلقا و أصلا و فرعا، كالجذام و البرص في الخلقة، و الحقد و البخل في الشيمة، و دناءة
النسب و كونه ولد الزنا في الاصل، و الصناعات الركيكة و الأعمال الخسيسة في الفرع،
لأنّ جميع ذلك جار مجرى اللطف، إذ فيها تقريب الخلق إلى تمكينه و استمالة قلوبهم
إليه. و في ضد ذلك ضدّه.
و سادستها كونه أقرب الخلق إلى اللّه تعالى و أكثر استحقاقا
للثواب، لأنّه مقدّم على كل واحد من رعيّته بأمر اللّه و تقديمه إيّاه. و
اللّه لا يقدّم عبدا على عبد على الاطلاق، إلا كما ذكرناه.
و سابعتها اختصاصه بآيات و معجزات تدلّ على إمامته، إذ لا طريق للخلق في بعض الأوقات إلى قبوله إلّا بها. فانّها إذا
ظهرت على يده في وقت مسّ الحاجة إليها، و قرنت بدعواه للامامة علم أنّه منصوب من
قبل اللّه تعالى.
و ثامنتها كونه إماما في جميع دار التكليف بانفراده في زمانه. و استدلّ بعض أهل النظر
على ذلك بأنّ كثرة الأئمة مع اختلاف دواعيهم يمكن أن يصير سبب مقاومة و مدافعة
يحدث بينهم، فيظهر بسببها الفتنة و الفساد، و يحدث من وجودهم ما لأجله لم يجز
عدمهم، فلا يجوز وجودهم أيضا، و هو محال. أمّا إذا كان الامام واحدا يرتفع هذا
الجواز و يحصل المقصود على طريق القطع. فان قيل: إذا اشترطتم العصمة كيف يمكن
الاختلاف المؤدّى إلى خطأ بعضهم بينهم. يقال: العصمة هي الألطاف التي من أجلها لا
يخلص دواعى صاحبها إلى فعل القبيح. و من تلك الألطاف عدم من يقع و يوجد معه في
معرض المقاومة. و الاولي أن يستدلّ في هذا المقام بالسمع.
فهذه هى الأوصاف اللازمة لكلّ امام من الأئمة. و ذلك ما أردناه.
المسألة الخامسة من الامام؟
إذا ثبت أنّ زمان التكليف لا يخلو من وجود إمام معصوم مكّن او لم
يمكّن،