فليس كذلك، فانّ المركّب من الجنس و الفصل لا يكون جسما، كما ذكروه.
و إن أرادوا به التركيب من الجواهر فحقّ، لأنّ المركّب من الجواهر لا
يكون إلّا جسما بسيطا كالعناصر، او مركبا كالمعادن و النبات و الحيوان. و المركّب
من الأعراض كالخلقة المركّبة من اللون و الشكل أيضا لا يكون جسما.
قال:و منهم من زعم أنّها مختلفة بالماهيّة، و احتجّوا بأنّها مختلفة
بالعفّة و الفجور و الذكاء و البلادة. و ليس ذلك من توابع المزاج، لأنّ الانسان قد
يكون بارد المزاج [و هو] في غاية الذكاء و قد يكون بالعكس، و قد يتبدّل المزاج، و
الصفة النفسانيّة باقية و لا من الأسباب الخارجية، لأنّها قد تكون بحيث تقتضى
خلقا و الحاصل ضدّه، فعلمنا أنّه من لوازم النفس، و اختلاف اللوازم يدلّ على
اختلاف الملزومات. و هذه الحجّة إقناعيّة.
أقول: هذه الحجّة مما أورده أبو البركات. و غيره من المتقدّمين أيضا من ذهب
إليه، و هى ضعيفة، لأنّ الملزومات و لو اختلفت ليست هى النفس وحده، بل النّفس و
العوارض المختلفة. و لمّا كانت النفوس مشمولة بحدّ واحد كانت متّحدة بالنّوع و
مختلفة بالعوارض التى ذكرت و التى لم تذكر. و مجموع النفس مع العوارض إذا كان
مختلفا لا يلزم منه أن يكون كلّ جزء أيضا مختلفا. فهذه الحجة مغالطيّة، لا
إقناعيّة.
قال:
مسألة النفوس البشرية حادثة أم قديمة
زعم أرسطاطاليس و أتباعه أنّها حادثة، خلافا لأفلاطون و من قبله.
حجّة القائلين بالحدوث أنّها لو كانت أزليّة لكانت إمّا أن تكون
واحدة او كثيرة.
فان كانت واحدة فعند التّعلق بالأبدان إن بقيت واحدة، فكلّ ما علمه
واحد علمه كلّ احد، و بالعكس، هذا خلف. او لا تبقى واحدة فقد انقسمت. و هذا محال،
لأنّ الهويّتين اللتين حصلتا بعد الانقسام إن كانتا حاصلتين قبل ذلك فقد