و احتجّ من حصر الصّفات في السبعة و الثمانية بأنّا كلفنا كمال
المعرفة، و كمال المعرفة إنّما يحصل بمعرفة جميع الصفات. و معرفة جميع الصّفات لا
يتأتى إلّا بطريق و لا طريق إلّا الاستدلال بالأفعال و التنزيه [عن النقائص] و
هذان الطريقان لا يدلّان إلّا على هذه الصفات.
و الجواب لم قلتم: إنّا امرنا بكمال المعرفة، و لم لا يجوز أن
يقال: انّا ما أمرنا أن نعرف من صفات اللّه تعالى إلّا القدر الّذي يتوقّف على
العلم به تصديق محمّد عليه السّلام، سلّمناه، لكن لا نسلّم أنّه لا بدّ من الدليل،
سيّما و عندنا التكاليف بأسرها تكليف ما لا يطاق. سلّمناه، لكن لم قلت إنّ
الاستدلال بالأفعال، و تنزيه اللّه عن عن النقائص لا يدلّ إلّا على هذه الصفات
فقط؟
أقول: مثبتوا الحال القائلون بأنّ العالميّة صفة، لا يقولون إنّ العلم صفة،
بل يقولون: العالميّة معلّلة بالعلم، و العلم معنى. فلا يزيدون على صفة واحدة من
باب العلم، و كذلك في سائر الصفات. و الذين يقولون بالصفات الزائدة لا يقولون إنّ
إثبات الصفات يكون من جهة الأفعال او التنزيه فقط، بل يقولون: السمع أيضا طريق آخر
في أمثالها. و إنّما أثبتوها لورود النصّ بها و كونها غير مرادفة لسائر الصفات.
قال:
مسألة حقيقة ذات اللّه تعالى معلومة أم غير معلومة
ذهب ضرار من المتكلّمين و الغزالي من المتأخرين إلى أنّا لا نعرف
حقيقة ذات اللّه تعالى، و هو قول الحكماء. و ذهب جمهور المتكلمين منّا و من
المعتزلة إلى أنّها معلومة لنا. حجّة المتكلمين [منّا و من المعتزلة] أنّا نعرف
وجوده، و وجوده عين ذاته، فلا بدّ أن نعلم ذاته، و إلّا لكان الشيء الواحد
بالاعتبار الواحد معلوما مجهولا.