الجواهر لتمايزها. و كون المركز محاذيا لجملة أجزاء الدائرة لا يفيده
في هذا الموضع، لكون ما يتعلّق به تلك المحاذيات المتكثرة واحدا، و كون ما يتعلّق
به التماسّات غير واحد، فانّ تماسّ ما يماسّه من جهة لا تقع على موضع تماسّ ما
يماسّه من جهة اخرى، و لذلك يلزم التغاير هاهنا، و لم يلزم في المركز.
قال:
مسألة زعم ابن سينا أن الجسم مركب من الهيولى و الصورة
زعم ابن سينا أنّ الجسم مركّب من الهيولى و الصورة، و معناه أنّ
التحيّز صفة حالّة في شيء، فالتحيّز هو الصورة، و محلّه الهيولى و احتجّ عليه
بناء على نفى الجوهر الفرد بأنّ الجسم في نفسه واحد، و هو قابل للانفصال، و القابل
للشيء موجود مع المقبول لا محالة، و الاتّصال لا يبقى مع الانفصال. فالقابل
للانفصال شيء مغاير للاتّصال. جوابه: لم لا يجوز أن يقال: الانفصال هو التعدّد، و
الاتّصال هو الوحدة، و الجسم إذا انفصل بعد اتّصاله كان معناه أنّه صار متعدّدا
بعد أن كان واحدا. فالطاري و الزائل هو الوحدة و التعدّد، و هما عرضان، و المورد
هو الجسم.
أقول: القول بأنّ الجسم مركّب من الهيولى و الصورة ليس ممّا ابتدعه ابن
سينا و لا ممّا اختصّ به، بل قال به جميع الفلاسفة. و التحيّز لا يقول به إلّا بعض
المتكلّمين، و هو صفة الماهيّة بشرط الوجود و ليس له الى الصورة نسبة. و لو كان
الاتّصال و الانفصال هما الوحدة و التعدّد لكان القابل لهما ليس بمتّصل و لا
بمنفصل، و لا بواحد و لا بمتعدّد، و كلّ ما هو جسم فامّا متّصل او منفصل، و امّا
واحد او متعدّد. فاذن لا شيء ممّا هو قابل لهما بجسم، فقد سمّوا القابل بالهيولى،
و الاتّصال او الوحدة هو الصورة. هذا على تقدير نفى الجوهر الفرد.
أمّا على تقدير ثبوته فالقابل هو الجوهر، و يعرض له التأليف، فيصير
جسما.