و الانكسار. فالتفريق ليس سببا بالذات الّا لأمر عدميّ هو زوال
الاعتدال] و الألم انّما حصل من سوء المزاج، هكذا فسّر قوله تلميذه «قطب الدين المصرىّ» رحمه
اللّه.
لكن قوله عقيب ذلك: «و زاد ابن سينا سببا ثانيا و هو سوء المزاج» يدلّ على خلاف ذلك.
أمّا قوله: «التفرّق عدميّ، فلا يكون علّة للوجوديّ» ففيه نظر، لأنّ العدم لا يكون علّة
لموجود. و لكن العدمىّ ربما يكون علّة، كعدم الحركة فيما من شأنه أن يتحرك فانّه
علّة لأحد الأكوان الّذي هو السكون، و عدم السمع علّة للخرس، و عدم الغذاء في
الحيوان الصحيح علّة للجوع و تفرّق الاتصال- في العضو الّذي لا يكون فيه حسن او
يعرض له خدر، او يكون معه استمرارا، او يكون طبيعيّا، كما يحصل في المغتذى عند
نفود الغذاء في أجزائه- لا يكون مؤلما. بل الألم عندهم احساس عضو بتفرّق اتّصال
يحدث فيه غير طبيعى، و كلامهم يدلّ على ذلك. و لا شكّ في أنّ الحمّى و هو سوء
المزاج مؤلم، و ان لم يكن هناك تفرّق اتصال. و المعنى الجامع هو الاحساس بالمنافي.
فهو اذن حدّ للألم. و اذا كان التحديد صحيحا فلا يكون انعكاسه لفظيّا.
قال:
7 و منها الادراكات
و هي غير العلم، لأنّا نبصر الشيء ثمّ نغيب عنه فنجد تفرقة في
الحالين مع حصول العلم فيهما، فالابصار غير العلم، لكنّ الفلاسفة و الكعبيّ و أبا
الحسين البصرى زعموا: أنّه عائد إلى تأثّر الحدقة بصورة المرئىّ. و المتكلّمون
محتاجون إلى القدح في هذا الاحتمال، ليمكنهم بيان أنّه تعالى سميع بصير.
أقول: قالوا: الإدراكات خمسة هى الحواسّ، و زاد القاضى أبو بكر الباقلانى
فيها إدراك الألم و اللذّة، و قوم جعلوها علوما خاصّة، فقالوا:
كلّ ادراك علم، و ليس كلّ علم ادراكا. و القول بأنّ الإبصار تأثّر في
الحدقة خاصّ بمن يبصر بالآلة و ليس ببعيد أن يكون في غيره على وجه آخر، كما