3- و الظلم للنفس (باتيان المعاصي و ارتكاب
الذنوب) في قوله تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا
مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ» (فاطر: 35/
32)
و قد ثبت- باجماع المؤرخين- ان غير علي (ع)
ممن تقدم عليه في الخلافة، كانوا- في الجاهلية- يعبدون الاصنام و يسجدون لها،
فكانوا ظالمين.
و حيث ان الصفات التي يوصف بها الانسان هي على
نوعين:-
1- الصفات التي لا يصح الوصف بها الا اذا كان
الفاعل متلبسا بمبدإ الصفة كالعالم و العادل، فلا يطلق على الانسان «عادل» اذا لم
يكن عادلا بالفعل حتى و ان كان عادلا قبل ذلك.
2- و هناك صفات اخرى يوصف بها الانسان، و لو
لم يكن حائزا عليها بالفعل، بل لمجرد اتصافه بها في زمان سابق و لو في لحظة واحدة
فقط، كالقاتل فانه يوصف به من قتل نفسا طول حياته حتى و ان لم يمارس عمليه القتل
فعلا فان مجرد قتله لأحد في وقت سابق يسوّغ إطلاق هذا الاسم عليه.
و صفة «الظالم» هو من قبيل النوع الثاني من
الصفات، فهي تطلق على من مارس احد الاسباب الآنفة من «الشرك، و ظلم الآخرين، و ظلم
النفس»[1] و لو في زمان سابق، و عليه فيصح ان يطلق على من عبد
الأوثان قبل الإسلام انه ظالم، و انظر الهامش (1) في ص 291.
و من كان ظالما فلا ينال منصب الامامة لقوله
تعالى «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ». و هذا ينطبق على من
تقدم في الخلافة على علي (ع).
و اما أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه
السلام، فإنه لم يعبد وثنا و لم يسجد لصنم- قط-،. و هذا ما
[1]ذكرنا المعاني المتعددة للظلم مع ان
الاستدلال كان متوقفا على المعنى الاول فقط، لان الآية تنفي مطلق الظلم و ليس
الكفر فقط، و عليه فلا بد ان يتوفر في الامام عدم الذنب مطلقا و هي «العصمة»
بمعناها الشامل، لم يتصف بها المتقدمون على علي (عليه السلام) في الخلافة.
تجريد الاعتقاد 241 [أبو بكر بن ابي
قحافة] ..... ص : 241