وعن الصادق عليهالسلام أيضاً : «أنّ لقمان قال لابنه : يا بنيّ إذا سافرت مع
قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأُمورهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، وكن كريماً على
زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصمت
وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك على
الحقّ فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثمَّ لا تعزم حتّى تثبّت وتنظر ،
ولا تُجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك
وحكمتك في مشورتك ، فإنّ من لم يمحض النُّصح لمن استشاره سلبه الله رأيه ، ونزع
منه الأمانة ، وإذا رأيتَ أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم
، وإذا تصدّقوا أو أعطوا قرضاً فأعط معهم ، واستمع لمن هو أكبر منك سنّاً ، وإذا
أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإنّ «لا» عَيّ ولوم.
وإذا تحيّرتم
في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتأمروا ، وإذا رأيتم شخصاً واحداً
فلا تسألوه عن طريقكم ، ولا تسترشدوه ، فإنّ الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعلّه
يكون عيناً للصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم ، واحذروا الشخصين أيضاً إلا
أن تروا ما لا أرى ، فإنّ العاقل إذا بصر بعينه شيئاً عرف الحقّ منه. والشاهد يرى
ما لا يرى الغائب.
يا بنيّ إذا
جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشيء ، صلّها واسترح منها ، فإنّها دَين ، وصلّ في
جماعة ولو على رأس زجّ يعني الحديد في طرف الرمح [٢] ولا تنامنّ
على دابّتك فإنّ ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء ، إلا أن تكون في
محمل يمكنك فيه التمدّد لاسترخاء المفاصل. وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابّتك ،
وابدأ