و يملك الموقوف عليه الصوف و اللبن الموجودين وقت الوقف ما لم
يستثنه. (1)
و لا يصحّ
بيع الوقف، و لا هبته، و لا نقله. (2)
مقتضي العقد فيجب اتباعه.
قوله: (و يملك
الموقوف عليه الصوف و اللبن الموجودين وقت الوقف ما لم يستثنه).
[1] أما وجه
ملك الموقوف عليه لهما: فلأنهما جزء من الموقوف فيتناولهما العقد كما يتناولهما
البيع، لكن لا بد في اللبن من ان يكون موجودا في الضرع و الصوف على الظهر، فلو
احتلب اللبن أو جز الصوف لم يدخلا قطعا.
و لو كان
الموقوف نخلة و كان طلعها موجودا حين العقد لم يدخل في الوقف، سواء أبّر أم لا،
لأنه ليس جزءا من المسمى، و به صرح المصنف في التذكرة[1]، و شيخنا
الشهيد في الدروس.[2].
فإن قيل عقد
الوقف إن تناول الصوف و اللبن وجب أن يكونا وقفا، عملا بمقتضى العقد، و ذلك ممتنع
في اللبن. و إن لم يتناولهما كانا على ملك الواقف كالحمل.
قلنا تناول
العقد لهما لا يقتضي كونهما وقفا، لأن مقتضاه تحبيس الأصل و تسبيل المنفعة، و هما
محسوبان من المنافع فيتناولهما العقد باعتبار شمول المسمى إياهما على حكمهما.
و أما إذا
استثنى الواقف الصوف و اللبن الموجودين، فلأنه لا منافاة في هذا الاستثناء لمقتضى
العقد، لأن الموقوف ما عداهما و المعتبر ما يتجدد من المنافع، أعني:
ما يتكون
بعد تحقق الوقف، فلو استثنى شيئا من تلك المنافع لم يصح.
و لو خربت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف، و لم يجز بيعها
[1] . و
لو وقع بين الموقوف عليهم خلف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه و لو لم يقع خلف و لا خشي
خرابه بل كان البيع أنفع لهم لم يجز بيعه أيضا على رأي.
[2]
الأسباب الموجبة لإبطال حكم الوقف.
قوله: (و لو خربت
الدار لم تخرج العرصة عن الوقف و لم يجز بيعها).
[1] لأنها
من جملة الموقوف، و قد قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم «لا يباع أصلها و لا
يبتاع و لا يوهب و لا يورث»[1]، و قال أحمد: إذا
خرب الوقف و بطلت منافعه كدار انهدمت، أو أرض خربت و عادت مواتا و لم يكن عمارتها،
أو مسجدا انتقل أهل القرية عنه و صار في موضع لا يصلّى فيه، أو ضاق بأهله و لم
يمكن توسيعه في موضعه، أو تشعث جميعه و لم يمكن عمارته و لا عمارة بعضه إلّا ببيع
بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، فإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه[2]، و لا يعتد
بخلافه.
قوله: (و لو وقع
بين الموقوف عليهم خلف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه، و لو لم يقع خلف و لا خشي خرابه
بل كان البيع أنفع لهم لم يجز بيعه أيضا على رأي).
[2] اختلف
كلام الأصحاب في جواز بيع الوقف: فمنعه ابن إدريس على جميع الأحوال[3].
و هو مختار
ابن الجنيد.
و جوّزه في
الجملة الأكثر و اختلفوا: فجوزه المفيد إذا خرب و لم يوجد له عامر، أو كان غير مجد
نفعا، أو اضطر الموقوف عليهم الى ثمنه، أو كان بيعه أعود عليهم، أو
[1]
صحيح مسلم 3: 1255 حديث 1632، سنن ابن ماجة 2: 801 حديث 2396، مسند احمد بن حنبل
2: 55.