و أمّا الموقوف
عليه فيشترط فيه أمور أربعة: الوجود، و التعيين، و صحة التملك، و تسويغ الوقف
عليه. فلو وقف على المعدوم ابتداء، أو على الحمل كذلك لم يصحّ، (1)
إذا كانت سببا تاما في إنشاء ما يطلب بها، و إلّا لم يترتب عليها أثرها و ذلك هو
معنى البطلان.
و لا دلالة
لها على الوصية إلّا بتكلف تقدير ما لا يدل عليه اللفظ، و لا يدل عليه دليل بإن
ينزل على أنّ المراد أريد جعله وقفا بعد الموت، و ارتكاب مثل ذلك تعسف محض.
و إجراء
الأحكام الشرعية على أمثال هذه الألفاظ التي لا دلالة لها على المراد من الأمور
المستبعدة جدا، فقد سبق إنّه لو قال قائل لآخر: اقبض ديني الذي على فلان لك لم يصح
و إن كان المأمور ذا دين على الآمر.
و قد سبق في
الوكالة أنّه لو قال: اشتر لي بمالك كذا لم يصحّ، مع أنّ المراد معلوم و التقدير
ممكن، و الاحتجاج بأنّ ذلك مستعمل في الوصية كثيرا، و بأنّ الأصل الصحة، و لا
يتحقق إلّا بالحمل ضعيف، لمنع الاستعمال المدعى، و التزام عدم تأثيره ما لم يصرّ
معنى اللفظ حقيقة أو مجازا، و أصالة الصحة في الصيغة المذكورة لا يقتضي جعلها وصية
ما لم ينضم إليها ما يدل على ذلك.
و في حواشي
شيخنا الشهيد: أنّ هذا إذا لم يعلم القصد فإن علم فلا بحث و فيه نظر، لأنّ مجرد
القصد لا تأثير له ما لم يوجد اللفظ الدّال عليه حقيقة أو مجازا، و الذي يقتضيه
النظر و سبق الحكم به في نظائره البطلان. نعم لو شاع استعمال ذلك في الوصية و
اشتهر لم يبعد القول بصحة وصيته.
قوله: (فلو وقف
على المعدوم ابتداء، أو على الحمل كذلك لم يصحّ).
[1] المراد
بقوله: (كذلك): كونه ابتداء، و المراد بكونه ابتداء: أن يكون هو الطبقة الأولى.
فأمّا المعدوم فظاهر، و أمّا الحمل، فلأنّه لم يثبت تملكه إلّا في الوصية،