و أما الولي فالمعروف بينهم أنه الذي أمر المرأة إليه، كالأب و الجد و الوصي و
الحاكم، و مقتضى ذلك أن الرجوع عليه إن كان و إلّا فعليها. و يناسب الحال أن يراد
بالولي هنا المتولي لأمرها و إن كان وكيلا بحيث يكون تزويجها مستندا إليه، سواء
باشر العقد أم لا.
و الأخبار
لا تدل على أمر غير ذلك، و الدليل لا ينهض إلّا عليه، لأن التدليس منوط بالباعثية،
لكن الولي إنما يرجع عليه إذا كان عارفا بحالها، فإن علم ذلك فلا بحث، و إن لم
يعلم: فإن كان ممن شأنه أن لا يخفى عليه حالها كالمحرم حيث لا يكون العيب خفيا جدا
عمل بظاهر الحال و اغرم المهر، إلّا أن تصدقه المرأة فالرجوع عليها.
و لو كذبته
فالذي يناسب المقام أن يقدّم قولها باليمين، لأن الظاهر الذي مدار الأمر عليه
معها، و لو ادعى عليها الولي في هذه الحالة اختصاصها بالتدليس بأنها حملته على تزويجها
و افهمته أن الزوج علم حالها فكذلك.
و إن كان
ممن يخفى عليه أمرها: فإن صدقته المرأة فالرجوع عليها، و إن كذبته فالقول قوله
بيمينه.
فيلخص من
هذا أن الواقع لا يخلو عن التدليس إما منها أو من المزوج لها، و منه يتبين أن
الرجوع بالمهر ثابت للزوج في كل صورة، و قد يتوقف في صورة واحدة، و هي إذا كان
العيب خفيا جدا و ادعت المرأة الجهل به و أمكن ذلك فإن في تصديقها باليمين و سقوط
الرجوع هنا إشكالا ينشأ: من إطلاق النصوص و كلام الفقهاء بالرجوع عليها و على
متولي انكاحها، و من انتفاء معنى التدليس حينئذ الذي هو مناط الرجوع و كون الجاهل
معذورا. و عبارة الكتاب تدل على أن الحال قد يخلو عن التدليس و هي قوله: (كان و
إلّا فلا رجوع). و قريب منه عبارة ابن إدريس[1].