نام کتاب : حاشية الدسوقي على مختصر المعاني نویسنده : دسوقي، محمد جلد : 1 صفحه : 71
فعل ينبئ عن تعظيم المنعم ...
الزمخشري[1]: إن المدح و الحمد شيء واحد. (قوله: فعل)اعترض بأن الفعل ما قابل القول و الاعتقاد كما هو
المتعارف، و حينئذ فيكون الفعل من كلامه غير شامل للشكر اللسانى و الجنانى؛ لأن
الذى باللسان قول و الذى بالجنان كيفية نفسانية، و حينئذ فلا يصح تعميمه فى الفعل
بعد ذلك بقوله:" سواء ... إلخ"، فكان الأولى أن يعبر بأمر يشمل الموارد
الثلاث، و يجاب بأنه أراد بالفعل الأمر و الشأن على اصطلاح أهل اللغة لا ما قابل
القول، و الاعتقاد كما هو المتعارف أو المراد بالفعل ما قابل الانفعال، و لا شك أن
كلا من القول و الاعتقاد ليس انفعالا.
(قوله: ينبئ)فيه أن الشكر الجنانى و هو الاعتقاد لا يصح
إنباؤه عن التعظيم إذ لا معنى لإنبائه بالنسبة للشاكر لما فيه من تحصيل الحاصل و
لا بالنسبة لغيره لعدم اطلاعه عليه لكونه خفيا، و على فرض أن يطلعه عليه الشاكر
بقول أو فعل فالمنبىء حقيقة هو ذلك القول أو الفعل المطلع لا الاعتقاد، و حينئذ
فيكون تعريف الشكر غير جامع لخروج اعتقاد الجنان لعدم الإنباء فيه مع أنه من
أفراده و يكون قوله الآتى:" أو بالجنان" فاسدا لعدم إنبائه. قلت: المراد
بالإنباء الدلالة لا الإخبار، و لا شك أن الشكر الجنانى و هو اعتقاد الشاكر أن
المنعم متصف بصفات الكمال دال على تعظيم المنعم بالنسبة للشاكر و غيره، و لا يقدح
فى كون الاعتقاد دالا على تعظيم المنعم بالنسبة لغير الشاكر جهله به و عدم اطلاعه
عليه؛ لأنه لو زال المانع و علم به لعلم مدلوله و هو تعظيم المنعم؛ لأن الدليل ما
يلزم من العلم به العلم بشيء آخر لا ما يلزم من وجوده العلم بشيء آخر ألا ترى أن
الدخان دال على النار بالنسبة للأعمى؛ لأنه لو علم به لعلم بالنار بغير واسطة
[1]هو العلامة أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى
الخوارزمى كبير المعتزلة النحوى صاحب الكشاف و المفصل، حجّ و جاور و تخرج به أئمة.
و كان رأسا فى البلاغة العربية و البيان، و له نظم جيد، و من مصنفاته أيضا الفائق
فى غريب الحديث، و ربيع الأبرار، و أساس البلاغة، و المنهاج فى الأصول، و قال
الذهبي:" كان داعية للاعتزال، اللّه يسامحه". توفى ليلة عرفة سنة 538 ه.