نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 54
التشبيه ليبيّن مقدار هذا الاحمرار و عظمه، و هذا من أغراض التشبيه
أيضا.
أما الآية الكريمة فإنها تتحدث فى شأن من يعبدون الأوثان، و أنهم إذا
دعوا آلهتهم لا يستجيبون لهم، و لا يرجع إليهم هذا الدعاء بفائدة، و قد أراد اللّه
جل شأنه أن يقرّر هذه الحال و يثبّتها فى الأذهان، فشبّه هؤلاء الوثنيين بمن يبسط
كفيه إلى الماء ليشرب فلا يصل الماء إلى فمه بالبداهة؛ لأنه يخرج من خلال أصابعه
ما دامت كفاه مبسوطتين، فالغرض من هذا التشبيه تقرير حال المشبّه، و يأتى هذا
الغرض حينما يكون المشبّه أمرا معنويّا؛ لأن النفس لا تجزم بالمعنويات جزمها
بالحسيّات فهى فى حاجة إلى الإقناع.
و بيت أبى الحسن الأنبارى من قصيدة نالت شهرة فى الأدب العربى لا
لشىء إلا أنها حسّنت ما أجمع الناس على قبحه و الاشمئزاز منه «وهو الصّلب» فهو يشبّه مدّ ذراعى
المصلوب على الخشبة و الناس حوله بمدّ ذراعيه بالعطاء للسائلين أيام حياته، و
الغرض من هذا التشبيه التزيين، و أكثر ما يكون هذا النوع فى المديح و الرثاء و
الفخر و وصف ما تميل إليه النّفوس.
و الأعرابى فى البيت الأخير يتحدث عن امرأته فى سخط و ألم، حتى إنه
ليدعو عليها بالحرمان من الوجود فيقول: «لاكانت»، و يشبّه فمها حينما تفتحه بباب من أبواب جهنم، و الغرض من هذا
التشبيه التقبيح، و أكثر ما يكون فى الهجاء و وصف ما تنفر منه النفس.