إذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلّا منها يشتمل على صيغة يطلب
بها الكفّ عن الفعل: و إذا أنعمت النظر رأيت طالب الكفّ فيها أعظم و أعلى ممن طلب
منه، فإن الطالب فى أمثلة هذه الطائفة هو اللّه سبحانه و تعالى و المطلوب منهم هم
عباده؛ و هذا هو النهى الحقيقى، و إذا تأملت صيغته فى كل مثال يرد عليك وجدتها
واحدة لا تتغير، و هى المضارع المقرون بلا الناهية.
انظر إذا إلى الطائفة الثانية تجد أن النهى فى جميعها لم يستعمل فى
معناه الحقيقى. و هو طلب الكف من أعلى لأدنى، و إنما يدل على معان أخرى يدركها
السامع من السّياق و قرائن الأحوال.
فمسلم بن الوليد فى المثال الرابع لا يقصد من النهى إلّا الدعاء للخليفة
الرشيد بالبقاء لتأييد الإسلام و إعلاء كلمته.
[1]هو ظالم بن عمرو بن ظالم من قبيلة الدئل، كان
شاعرا مجيدا و فقيها محدثا و فارسا شجاعا صحب عليا و شهد معه صفين، و هو أول من
وضع النحو بإشارة على رضى اللّه عنه، و توفى سنة 65 ه
[2]المناكيد: جمع منكود و هو قليل الخير: أى أن
العبد لا يصلح إلا بالضرب و الإهانة
نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 186