و هذا الذي قاله ابن طلحة في البيت صحيح، و لا يمتنع من أجله أن يأتي
الوجهان المتقدّمان في: رأيت زيدا وحده؛ فإنّ المعنى يصحّ معهما. و (وحده) يضاف
إلى ضمير المتكلّم و المخاطب و الغائب، فتقول: ضربته وحدي، و ضربته وحده، و ضربتك
وحدك، و ضربتك وحدي، و يختلف المعنى بحسب ذلك.
و منهم من يقول: (وحده) مصدر موضوع موضع الحال. و هؤلاء يخالفون
الأولين في كونه اسم مصدر، فمن هؤلاء من يقول: إنّه مصدر على حذف حروف الزيادة أي
إيحاده، و منهم من قال: إنّه مصدر لم يوضع له فعل.
و ذهب يونس و هشام في قوليه إلى أنّه منتصب انتصاب الظروف فيجريه
مجرى (عند)، فجاء زيد وحده، تقديره: جاء زيد على وحده، ثمّ حذف الحرف و نصب على
الظرف، و حكي من كلام العرب: «جلسناعلى وحدتنا». و إذا قلت: «زيدوحده» فكان التقدير: زيد موضع التفرّد، و لعل هؤلاء يقولون: إنّه
مصدر وضع موضع الظرف، و حكي عن الأصمعي: «وحديحد».
و يدلّ على انتصابه على الظرف قول العرب: «زيدوحده».
فهذا خبر لا حال و أجاز هشام في: «زيدوحده»، وجها آخر و هو أن يكون منصوبا بفعل مضمر يخلفه (وحده)، كما
قالت العرب: «زيدإقبالا و إدبارا». قال هشام و مثل «زيدوحده»، في هذا المعنى: زيد أمره الأول، و «قصّتهالأولى» و «حالهالأولى»، خلف هذا المنصوب الناصب كما خلف (وحده) (وحد)، و سمّى هذا
منصوبا على الخلاف الأول. و قال: لا يجوز «وحدهزيد» كما لا يجوز «إقبالاو إدبارا عبد اللّه» و كذلك «قصّتهالأولى سعد»، و على أنّه منصوب عى الظرف. يجوز:
«وحدهزيد» كما يجوز: «عندكزيد».
هذا كلام النحاة و هو توسّع فيما تقضيه الصناعة، و اللسان و المعنى
متقارب، كلّه دائر على ما يفيده من الحصر في المذكور. فقول: «الحمدللّه وحده»، يفيد حصر الحمد في اللّه سبحانه و تعالى. و قوله تعالى:وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي
الْقُرْآنِ وَحْدَهُ [الإسراء: 46]-
و الضمير يعود على «ربّك»- فمعناه لم يذكر معه غيره،
[633] - الشاهد للربيع بن ضبع الفزاري في الكتاب (1/ 144)، و أمالي
المرتضى (1/ 255)، و حماسة البحتري (ص 201)، و خزانة الأدب (7/ 384)، و شرح
التصريح (2/ 36)، و لسان العرب (ضمن)، و المقاصد النحوية (3/ 398)، و بلا نسبة في
الردّ على النحاة (ص 114)، و شرح المفصّل (7/ 105)، و المحتسب (2/ 99).
نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 113