نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 107
فالأول: ما الفرق بين الاستطعام و الضّيافة؟ فإن قلت: إنّهما بمعنى،
قلت: فلم خصّصهما بالاستطعام، و الأهل بالضّيافة.
و الثاني: لم قال: (فأبوا) دون (فلم) مع أنّه أخصر؟
و الثالث: لم قال:أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍدون (أتيا قرية،) و العرف بخلافه؟
تقول: أتيت إلى الكوفة دون (أهل الكوفة)، كما قال تعالى:ادْخُلُوا مِصْرَ [يوسف: 99].
و الجواب عن الأوّل: أنّ الاستطعام وظيفة السائل، و الضّيافة وظيفة
المسؤول؛ لأنّ العرف يقضي بذلك، فيدعو المقيم إلى منزله القادم: يسأله و يحمله إلى
منزله.
و عن الثاني: بأنّ في الإباء من قوّة المنع ما ليس في (فلم)، لأنّها
تقلب المضارع إلى الماضي و تنفيه، فلا يدلّ على أنّهم لم يضيّفوهم في الاستقبال،
بخلاف الإباء المقرون بأن، فإنّه يدل على النفي مطلقا. و آية:وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ
يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة: 32] أي
حالا و استقبالا.
و عن الثالث: أنّه مبنيّ على أن مسمّى القرية ما ذا؟ أهو الجدران و
أهلها معا حال كونهم فيها، أم هي فقط؟ أم هم فقط؟ و الظاهر عندي أنّه يطلق عليها
مع قطع النظر إلى وجود أهلها و عدمهم، بدليل قوله تعالى:أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ
وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها [البقرة: 259]. سمّاها قرية و لا أهل و لا جدار قائما، و لعدم تناول
لفظ القرية إياهم في البيع إذا كانت القرية و أهلها ملكا للبائع، و هم فيها حالة
البيع. و لو كان الأهل داخلين في مسمّاها لدخلوا في البيع؛ و لثبوت المغايرة بين
المضاف و المضاف إليه. و إنّما ذكر الأهل لأنّه هو المقصود من سياق الكلام دون
الجدران، لأنّه بمعرض حكاية ما وقع منهم من اللّؤم.
فإن قلت: فما تصنع بقوله تعالى:وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ
بَطِرَتْ مَعِيشَتَها [القصص: 58]،وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ [الأعراف: 4]،وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً ... [النحل: 112] إلى آخره،وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82]، فإنّ المراد في هذه الآيات و أمثالها
الأهل.
قلت: هو من باب المجاز لأنّ الإهلاك إنّما ينسب إليهم دونها، بدليل: