نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 1 صفحه : 65
الاشتقاق
بسطت الكلام عليه فيما يتعلق باللغة في (المزهر)[1]و نذكر هنا فوائد متعلقة
بالنحو:
الفعل و المصدر أيهما أصل:
الأولى:مذهب البصريين، أن الفعل مشتقّ من المصدر، و قال الكوفيون[2]:
المصدر مشتقّ من الفعل، و قال أبو البقاء في (التبيين): و لما كان
الخلاف واقعا في اشتقاق أحدهما من الآخر لزم في ذلك بيان شيئين:
أحدهما: حد الاشتقاق. و الثاني: أن المشتقّ فرع على المشتقّ منه.
فأما الحدّ، فأقرب عبارة فيه ما ذكره الرماني و هو قوله: الاشتقاق: اقتطاع فرع من
أصل يدور في تصاريفه الأصل، فقد تضمّن هذا الحدّ معنى الاشتقاق و لزم منه التعرّض
للفرع و الأصل.
أما الفرع و الأصل فهما في هذه الصناعة غيرهما في صناعة الأقيسة
الفقهية، فالأصل هاهنا يراد به الحروف الموضوعة على المعنى وضعا أوليا، و الفرع
لفظ يوجد فيه تلك الحروف مع نوع تغيير ينضمّ إليه معنى زائد على الأصل، و المثال
في ذلك:
(الضرب) مثلا،
فإنه اسم موضوع على الحركة المعلومة المسمّاة (ضربا)، و لا يدلّ لفظ الضرب على
أكثر من ذلك، فأما ضرب، و يضرب و ضارب، و مضروب، ففيها حروف الأصل و هي: الضاد و
الراء و الباء، و زيادات لفظية لزم من مجموعها الدلالة على معنى الضرب و معنى آخر.
و قال الزملكاني في (شرح المفصّل): مأخذ الخلاف بين البصريين و
الكوفيين في أن المصدر مشتقّ من الفعل أو عكسه، الخلاف في حدّ الاشتقاق، فقال قوم:
هو عبارة عن الإتيان بألفاظ يجمعها أصل واحد مع زيادة أحدهما على الآخر في المعنى،
نحو قوله تعالى:فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [الروم: 43].
و قوله عليه الصلاة و السّلام: «ذوالوجهين لا يكون عند اللّه وجيها»[3]، و أما قوله تعالى:وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ [الرحمن: 54]، فشبه المشتقّ، و ليس به لأن الجنى
ليس في معنى الاجتنان.