و العادة أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء، فلما كثر ذلك و اطرد
عكس الشاعر التشبيه فجعل أوراك العذارى أصلا و شبه به الرمل. قال: و لذلك لما كثر
تقديم المفعول على الفاعل، صار و إن كان مؤخرا في اللفظ، كأنه مقدم في الرتبة فجاز
أن يعود الضمير من الفاعل عليه، و إن كان الفاعل مقدما و المفعول مؤخرا، كما جاز
أن يعود الضمير من المفعول إذا كان مقدما على الفاعل و إن كان مؤخرا في قولنا: ضرب
غلامه زيد.
و قال ابن عصفور في (شرح الجمل): الدليل على أن الفرع هو الذي ينبغي
أن تجعل فيه العلامة لا الأصل، أنهم جعلوا علامة للتثنية و الجمع، و لم يجعلوا
علامة للإفراد لما كانت التثنية و الجمع فرعين عن الإفراد و كذلك أيضا جعلوا علامة
للتصغير و لم يجعلوا علامة للتكبير، لأن التصغير فرع عن التكبير.
و كذلك أيضا جعلوا الألف و اللام علامة للتعريف و لم يجعلوا للتنكير
علامة، لأن التعريف فرع عن التنكير. فإن كان التنكير فرعا عن التعريف جعلوا له
علامة لم تكن في التعريف و هي التنوين نحو قولك: سيبويه و سيبويه آخر، و أشباه ذلك
في اللسان كثير.
الفرق
عللوا به أحكاما كثيرة، منها: رفع الفاعل، و نصب المفعول، و ضم تاء
المتكلم، و فتح تاء المخاطب و كسر تاء المخاطبة، و تنوين التمكن دخل للفرق بين ما
ينصرف و ما لا ينصرف، و تنوين التنكير دخل للفرق بين النكرة و المعرفة من
المبنيات.