قيل الحرث الزّرع وقيل الكرم وقد تدلّت عما قيده ، والنفش الرعي ليلا والهمل يكون ليلا ونهارا ، حكم داود عليهالسلام بأن يسلّم الغنم إلى صاحب الحرث عوضا عمّا أفسدته ، ونظيره حكم أبي حنيفة في العبد الجاني يسلّم إلى المجنيّ عليه فقال سليمان عليهالسلام وهو ابن أحد عشر سنة : يا نبيّ الله غير هذا أوفق لهما فعزم داود عليه ليحكمنّ بينهما فقال أرى أن تدفع الغنم إلى صاحب الحرث لينتفع بألبانها وأولادها وأصوافها ، والحرث إلى صاحب الغنم ليقوم بإصلاحه حتّى يعود كما كان ثمّ يترادّان ، فقال : القضاء ما قضيت ، ونظيره قول الشافعيّ يغرم الأجرة للحيلولة للعبد المغصوب ، وحكم الحرث المذكور في شرعنا ضمان صاحب الغنم قيمة التالف إن فرّط في حفظها ، وإلّا فلا ، وقال الشافعيّ يجب ضمان ما تلف ليلا إذ المعتاد وجوب ضبط الدّوابّ ليلا ولذلك قضى النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا دخلت ناقة البراءة حائطا فأفسدت ، فقال على أهل الأموال حفظها بالنهار ، وعلى أهل الماشية حفظها باللّيل [٢] وهو قول جماعة من أصحابنا وعند أبي حنيفة لا ضمان إلّا أن يكون معها حافظ لقوله صلىاللهعليهوآله : جرح العجماء جبار [٣] وهنا سؤالات :
١ ـ هل كان حكمهما بوحي أو اجتهاد؟ الجواب الحقّ عندنا أنّه بوحي والثاني ناسخ [ للإذن الأوّل ] وهو قول الجبّائي قيل عليه : الوقت كان واحدا فيكون بداء وهو غير جائز ، ومن جوّز على الأنبياء الاجتهاد قال كان الحكمان باجتهاد وبعض فضلائنا جوّز الاجتهاد للنبيّ إذا حضرت الواقعة وفقد الوحي ، وكان
[١] الأنبياء : ٧٨. [٢] الدر المنثور : ج ٤ ص ٣٢٥ في تفسير الآية. وهكذا في سنن ابى داود ج ٢ ص ٢٦٧. [٣] سنن ابى داود ج ٢ ص ٥٠٢.