واعلم أنّ مذهبنا بطلان الإحباط والتكفير لقيام الدّليل على ذلك كما هو مقرر في علم الكلام وحينئذ يجب حمل ما ورد من تكفير السيّئات بالحسنات كما ذكر هنا وكقوله صلىاللهعليهوآله « الصلوات الخمس كفّارة لما بينهنّ من الذّنوب [١] » وقول عليّ عليهالسلام « الحجّ والعمرة يد حضان الذّنب [٢] » إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث على أنّ الله تعالى يتفضّل على فاعل الحسنات بإسقاط عقاب سيّئاته لعظم محلّ تلك الحسنة ، وكذا نقول في قوله ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ )[٣] أنّ الله يتفضّل على مجتنب الكبيرة بالعفو عن صغائره لعظم محلّه باجتناب الكبائر.
الثامنة (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)
فيها دلالة على أنّه من أوقع به ظلم في نفس أو طرف أو شجاج أو مال فانتصر بعد ظلمه أي استوفي حقّه فليس عليه سبيل من المعاقبة واللّوم ، « ومن » زائدة لكونها بعد النفي وفيها أيضا دلالة على أنّه يجوز الاقتصاص من غير حكم حاكم في طرف أو جرح أو مال ممّن يماطل ، بعد أن يراعى في ذلك عدم التجاوز إلى غير حقّه.