« وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ » إلى قوله ( سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ )[١] ولأنّهم إذا ذكروا اسم الله اعتقدوا أنّه أبّد شرع موسى عليهالسلام وأنّه والد عيسى عليهالسلام وأنّه لم يرسل محمدا صلىاللهعليهوآله.
إن قلت قوله « وَطَعامُ الَّذِينَ » إلى آخره عامّ وقوله « وَلا تَأْكُلُوا » عام أيضا فليس تخصيص عامّنا بعامّكم أولى من العكس ، قلت : تخصيص عامّكم لا محذور فيه وأمّا تخصيص عامّنا ففيه محذور ، وهو أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ، وأيضا قد دللنا على وجوب التّسمية عند إرسال آلة الصيد [٢] وعند الذبيحة وأنّ من تركها عمدا لا يحل ذبيحته ، وكلّ من قال بذلك قال بتحريم ذبائح أهل الكتاب وأنّ قوله « وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ » مخصوص ، فلو قلنا بالأوّل ولم نقل بالثاني كان خرقا للإجماع.
هذا تقرير ما ذكره الفريقان ، غير أنّ عندي في كلام الأصحاب إشكالا تقريره أنّ الحبوب وغيرها من الجامدات داخلة في الطيّبات في قوله « الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ » وعطف الخاصّ على العامّ نصّ أهل البلاغة أنّه لا يجوز إلّا لنكتة أو فضيلة كعطف جبرئيل وميكائيل على الملائكة ، فأيّ نكتة هنا اقتضت الإخراج والعطف على قولكم ، نعم النكتة متوجّهة على قول الخصم. وذلك أنّه لمّا ذكر أنه حرّم ما لم يذكر اسم الله عليه ، وأنّ أهل الكتاب مشركون وأنّهم يكفّرون أهل السلام وأنّهم من أهل الخبائث أمكن أن يقال إنّ طعامهم مطلقا ليس من الطيّبات فناسب ذلك إخراجه وعطفه بيانا للرّخصة ، وأمّا على قولكم فانّ ذلك عزيمة وللرخصة مزية في بيان الأحكام ، خصوصا فيما ورد في معرض الامتنان ، وهو هذه الآية ، وأرجو من الله أن يفتح عليّ الجواب عن هذا الاشكال بكرمه ومنه.
الثالثة (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا)
[٣][١] التوبة : ٣٠. [٢] عند إرسال الكلب الى الصيد خ. [٣] النحل : ١٤.