٣ ـ أنّه لا بدّ في إباحة الصيد من العقر والجرح لمدلول « الجوارح » هذا ومعنى مكلّبين قيل مؤدّبين ، وفيه نظر لأنّه لا يصحّ « وما علّمتم مؤدّبين » لأنّ التعليم سر التأديب والأولى أنّ معناه حاذقين في التعليم وهو نصب على الحال ، وفيه إيماء إلى أنّه لا يكون التعليم إلّا للكلب ، لأنّ المكلّب صاحب الكلب ، والكلب وإن أطلق على كلّ سبع لقوله صلىاللهعليهوآله « سلّط عليه كلبا من كلابك » [١] لكنّه حقيقة في هذا المعهود ، فيكون الاشتقاق منه فيكون مقيّدا مخصّصا لما سبق ولذلك قسم أصحابنا صيد الجوارح إلى قسمين ما أدرك ذكاته فلا يحل إلّا بالتذكية مطلقا وما لم يدرك ذكاته إن كان مقتول الكلب فهو حلال وإلّا فهو حرام ، صيد أيّ الجوارح كان وهو المنقول عن الصادق والباقر عليهمالسلام.
فائدة : قيل نزل جبرئيل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فوقف بالباب فاستأذن فأذن له فلم يدخل فخرج النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال قد أذنّا لك فقال عليهالسلام إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم كلب فقال صلىاللهعليهوآله لا أدع كلبا بالمدينة إلّا قتلته فهربت الكلاب حتّى بلغت العوالي فلمّا نزلت الآية قالوا : يا رسول الله كيف نصيد بها وقد أمرت بقتلها؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاءه الوحي بالإذن في اقتناء الكلاب الّتي ينتفع بها فاستثنى رسول الله صلىاللهعليهوآله كلاب الصيد وكلاب الماشية وكلاب الحرث ، وأذن في اتّخاذها [٢]
٤ ـ « تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ » فيه دلالة على كون التعليم أمرا مستفادا كيفيّته من الشارع فقال أصحابنا نقلا عن أئمّتهم عليهمالسلام أنّ التعليم يحصل بأمور الأوّل : الاسترسال إذا أخرى. الثاني : الانزجار إذا زجر الثالث : أن لا يعتاد أكل
[١] قاله صلىاللهعليهوآله في عتبة بن أبى لهب : بعد ما نزل والنجم إذا هوى جاء الى رسول الله وطلق ابنته وقال : كفرت بالنجم وبرب النجم فدعا عليه صلىاللهعليهوآله وقال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فخرج عتبة الى الشام فافترسه أسد في بعض الطريق ليلا راجع مناقب آل أبى طالب ج ١ ص ٧١ ، مجمع البيان ج ٩ ص ١٧٢. [٢] راجع الدر المنثور ج ٢ ص ٢٥٩ ، مجمع البيان ج ٣ ص ١٦٠.