امتنّ على عباده بأنّه خلق جميع ما في الأرض لهم ، والمراد به ما ينتفع به لأنّ ما فيه إضرار أو خلا عن نفع لا يقع به امتنان ثمّ إنّ ذلك المنتفع به ، لو لم يكن محلّلا لما حسن أيضا الامتنان إذ لا يمتنّ أحد على أحد بشيء حال بينه وبينه لقبحه في نظر العقل ، فيكون الأشياء كلّها على أصالة الإباحة وهو المطلوب ، وإن خالف هنا قوم فقولهم باطل ، وقد تبين ذلك في الأصول.
الثانية (يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً)
قيل : نزلت في قوم حرّموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس والأمر هنا للإباحة وأمّا « حَلالاً » فيحتمل نصبه على مفعوليّة « كُلُوا » والأجود أنّه صفة مصدر محذوف والأجود منه أنّه حال « مِمّا فِي الْأَرْضِ » والطيّب يقال لمعان الأوّل : ما هو مستلذ الثاني : ما حلّله الشارع ، الثّالث : ما كان طاهرا ، الرّابع : ما خلا عن الأذى في النفس والبدن ، وهو حقيقة في الأوّل لتبادره إلى الذهن وهو المراد هنا