قال أهل البلاغة : التعريض هو إيهام المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجازا ويرادفه التلويح ، كقول السائل : جئتك لا سلّم عليك ، والكناية هي الدّلالة على الشيء بذكر لوازمه ، كقولك فلان طويل النجاد ، كثير الرّماد ، إذا عرفت هذا فالآية تشتمل على جمل تتضمّن أحكاما :
١ ـ أنّه لا حرج في التعريض للمعتدّات بالخطبة ، والمراد به هنا كلام يفهم منه الرّغبة في النساء من غير تصريح كقوله ربّ راغب فيك وإنّك لجميلة ، وإنّ الله لسائق إليك خيرا وأمثاله ، ونفي الحرج في التعريض يستلزم ثبوته في التصريح لهنّ بالخطبة ، وهذا فيه إجمال علم تفصيله وبيانه من السنّة الشريفة فنقول :
المعتدّة رجعيّة يحرم التعريض والتصريح لها من الأجنبيّ ، وكذا يحرمان لكلّ محرّمة أبدا كالملاعنة والمطلقة تسعا للعدّة من الزوج أمّا من غيره فيجوز التعريض لا التصريح والمعتدّة بائنا يحرم التصريح لها في العدّة من غير الزّوج ويجوز التعريض ، وأمّا منه فيجوز له التعريض مطلقا ، وأمّا التصريح فيجوز للمختلعة والمفسوخة بعيب أو تدليس ولا يجوز للمطلّقة ثلاثا لا في العدّة ولا بعدها إلّا بعد أن تنكح ، وحكم التعريض حكم الاكنان في النفس أي الستر والإضمار ، يقال : كنفته أي سترته.
٢ ـ قوله « عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ » أي في القلب فاذكروهنّ لأنّ تركه غير مقدور ، ثمّ إنّه نهى عن المواعدة سرّا أي جماعا ووطيا ، لأنّه يسر أي يفعل