ولا يرد لزوم التناقض بين الكلامين ، فإنّه أمر في الأولى بالتزويج مع الفقر وفي الثانية أمر بالصبر عنه مع الفقر لأنّا نقول إنّ الاولى وردت للنّهي عن ردّ المؤمن لأجل فقره ، وترك تزويج المرأة لأجل فقرها ، والثانية وردت لأمر الفقير بالصبر على ترك النكاح ، حذرا من تعبه به حالة الزواج ، فلا تناقض حينئذ على أنا نقول إنّهما مهملتان فلا يتناقضان.
قسط يقسط قسوطا إذا جار وأقسط إذا عدل فهو مقسط ومنه « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ » فكان الهمزة في أقسط للإزالة نحو أشكيته أي أزلت شكايته ، والمراد بما طاب لكم قيل ما وافق طباعكم من الحلال منهنّ ، وقيل : المراد ما حلّ. ولا شكّ أنّ الطيّب حقيقة فيما وافق الطبيعة ، ومجاز في الحلال.
فعلى الأوّل يلزم الإضمار ، وعلى الثّاني المجاز ، فقيل هما سواء ، وقيل الإضمار أولى وتحقيقه في الأصول ، وإنّما قال « ما » ولم يقل « من » لأنّ لفظة « ما » موضوعة لمعنى شيء أعمّ من « من » فيصدق على ذوي العقل وغيرهم والأعداد المذكورة معدولة عن اثنين اثنين ، وثلاث ثلاث ، وأربع أربع « فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا تَعْدِلُوا » بين الأعداد المذكورة فانكحوا واحدة أو ما ملكت أيمانكم ، ولم يقل « من » لما تقدّم « ذلك » أي التخيير بين الواحدة وما ملكت أيمانكم أقرب أن لا تمونوا ولا تنفقوا ، يقال عال الرّجل عياله ، إذا مانهم وأنفق عليهم والمعنى
[١] النساء : ٣ ، وللسيد الرضى قدسسره في تفسير هذه الآية بيان متين دقيق في كتابه حقائق التأويل في متشابه التنزيل ص ٢٩١ ـ ٣١٣ ، يحق لطالبي الحق المراجعة إليها.