٢ ـ وجوب الوفاء بمقتضى اليمين ، وأكّد ذلك بعدّة تواكيد :
الأوّل « جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً » أي رقيبا فانّ الكفيل يراعي حال المكفول فهو حفيظ عليه.
الثاني « إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ » من الوفاء وعدمه ، وفيه تهديد عظيم على النكث وحضّ على الوفاء.
الثالث : شبّههم في نقضهم وعدم وفائهم بحال « الّتي ( نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً ) » جمع نكث بكسر النون ، في خرقها وقلّة عقلها وهي امرأة يقال لها ريطة بنت سعد بن تميم وكانت خرقاء اتّخذت مغزلا قدر ذراع ، وصنارة مثل إصبع ، وفلكة عظيمة على قدرها ، وكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهنّ فينقضن ما غزلن.
الرابع : وبّخهم في نقضهم بقوله « تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ » بفتح العين قال الجوهريّ : هو المكر والخديعة ، وهو منقول من قولهم فلان دخل في بني فلان إذا انتسب إليهم ، ولم يكن منهم ، وانتصابه على أنّه مفعول ثان « وتتّخذون » حال من « لا تنقضوا » أي لا تتّخذوا أيمانكم متّخذين لها دخلا بينكم « أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ » أي لأجل أنّ امّة هي أكثر من امّة نفسا أو مالا أو عزّا أو جاها أي إنّكم إذا حلفتم على أمر لقلّتكم وضعفكم ، ثمّ كثّر الله عددكم أو مالكم لا تنقضوا الأيمان واثبتوا عليها و « أربى » منصوب المحلّ لكونه خبرا « وهي » ضمير فصل ، وقال الزجّاج إنّه مرفوع المحلّ على أنّه خبر المبتدأ و « هي » مبتدأ ولا يجوز الفصل بين نكرتين.
الخامس « إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ » أي يختبركم الله بالأمر بالوفاء بالعهد ليجازيكم في القيامة على الوفاء والنكث وهنا أحكام :
١ ـ في الآية إشارة إلى أنّ حكم اليمين والعهد واحد ولهذا عبّر عن العهد باليمين بقوله « وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ » عقيب قوله « وَأَوْفُوا ».