قال المصنف :
وهذا بالاعراض عنه حقيق ، فإن إطلاقها بالنسبة لكل فريق اصطلاح ، أي إطلاق الكبيرة
والصغيرة عند هذا القائل بالنسبة إلى غيرها ، وذلك لا يستلزم الإحباط ؛ لأنهما
يقالان بالنظر الى ذواتهما وبالنسبة إلى غيرهما كما عرفت ، وذلك لا يستلزم الإحباط
، لعدم العلم بمقدار ثواب الطاعة وعقاب المعصية حتى ينسب بعضها الى بعض ، وهذا اصطلاح
المعتزلة ، فلا يلزمنا القول به [١٣].
واما المروة
التي هي شرط في قبول الشهادة فتنزيه النفس عن الأفعال التي لا تليق بمثله ،
كالسخرية ، وكشف ما يتأكد استحباب ستره في الصلاة ، وهو ما بين السرة والركبة ،
والأكل في الأسواق غالبا ، ولبس الفقيه القبا والقلنسوة ، ولبسه لباس الجندي بحيث
يسخر منه وبالعكس ، وكشف الرأس في المحافل وهم ليس كذلك ، وبالجملة كل فعل يسقط
المحل والعزة من قلوب الناس ترد شهادة فاعله.
إذا عرفت هذا ،
فهل يقدح فعل الصغيرة نادرا؟ قال ابن إدريس : نعم ، لإمكان التدارك بالاستغفار
وقال الشيخ في المبسوط : لا يقدح ، واختاره المصنف والعلامة ؛ لأن اشتراط اجتناب
جميع القبائح مما يعسر ويشق ، ويؤدي الى بطلان الشهادة وعدم مشروعيتها ، لعدم
انفكاك غير المعصوم عن ذلك ، قال العلامة : وقول ابن إدريس ليس بشيء ، لأن مع
التوبة لا فرق بين الصغيرة والكبيرة في سقوطها بها ، على أن التوبة من شرطها العزم
على ترك المعاودة ، ولا شك أن الصغائر لا ينفك منها الإنسان ، فلا يصح هذا العزم
منه غالبا فلا يمكن التوبة [١٤] في أغلب الأحوال ، وهذا هو المعتمد.