إذا تناولت منفعة شيء معين لم يجز أخذ الرهن على تلك المنفعة ، كما لو
اجره عبدا معينا للخدمة سنة ، أو دارا معينة للسكنى سنة ، أو دابة معينة لحمل شيء
معين ، فإذا أراد أن يرهن عنده شيئا على هذه المنافع لم يجز ، لعدم جواز استيفاء
المنفعة من غير المعين الذي وقع عليه العقد.
أما لو وقع
العقد على منفعة في الذمة كخياطة ثوب ، أو بناء دار ، أو حمل شيء معين جاز أخذ
الرهن على المنفعة ، ويباع عند تعذر العمل أو يستأجر من يفعل ذلك ، لعدم تعلقها
بمعين ، بخلاف الصورة الأولى.
قال
رحمهالله : ولو رهن على مال رهنا ، ثمَّ استدان
آخر ، وجعل ذلك الرهن عليهما ، جاز.
أقول
: هذا إذا كان
الدين الثاني من الديان الأول ، أما لو كان من غيره فإنه لا يصح الا مع اجازة
المرتهن الأول ، وإذا حصلت الإجازة من الأول احتمل بطلان حقه مطلقا ، ويصير جميعه
رهنا للثاني ، لأنه أجاز تعلق حق الغير به ، فينتفي تعلق حقه ، لحصول المنافاة ،
لأن مقتضى الرهن اختصاص المرتهن وتقدمه على غيره من الغرماء بثمن الرهن ، فلا يجوز
اجتماع حقين متصفين بهذه الصفة بعين واحدة لحصول المضادة.
ويحتمل البطلان
فيما قابل دين الثاني خاصة ، كما لو كان دين الثاني عشرة مثلا وكان قيمة الرهن
عشرين مثلا ، يكون قد سقط حق الأول من نصف الرهن ، لأن المقصود من الرهن عند
الثاني والإجازة من الأول وفاء حقه من الرهن ، وهو يحصل بما قابله فيبقى الباقي
على رهانة الأول ، لعدم المنافاة بينهما.
ويحتمل عدم
بطلان حق الأول مطلقا ، لأنه لم يصرح بإسقاط حقه ، والأصل بقاؤه ، وصدور الإجازة
منه غير دالة على إسقاط حقه ، ولا منافية لثبوته ، إذ لا مانع من تعلق دينين بعين
واحدة مع تقدم أحدهما على الآخر ، فان