مَضَى بَعْضُ الطَّرِيقِ ضَعُفَ الشَّيْخُ فَرَحِمْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ارْكَبْ فَرَكِبَ بَغْلَ شَاكِرِيٍّ كَانَ مَعَنَا ثُمَّ صِرْنَا إِلَى الرَّبِيعِ فَسَمِعْتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ لَهُ وَيْلَكَ يَا رَبِيعُ قَدْ أَبْطَأَ الرَّجُلُ وَ جَعَلَ يَسْتَحِثُّهُ اسْتِحْثَاثاً شَدِيداً فَلَمَّا أَنْ وَقَعَتْ عَيْنُ الرَّبِيعِ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ هُوَ بِتِلْكَ الْحَالِ بَكَى وَ كَانَ الرَّبِيعُ يَتَشَيَّعُ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ ع يَا رَبِيعُ أَنَا أَعْلَمُ مَيْلَكَ إِلَيْنَا فَدَعْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ أَدْعُو قَالَ شَأْنَكَ وَ مَا تَشَاءُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفَّفَهُمَا ثُمَّ دَعَا بَعْدَهُمَا بِدُعَاءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ إِلَّا أَنَّهُ دُعَاءٌ طَوِيلٌ وَ الْمَنْصُورُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْتَحِثُّ الرَّبِيعَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَى طُولِهِ أَخَذَ الرَّبِيعُ بِذِرَاعَيْهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى الْمَنْصُورِ فَلَمَّا صَارَ فِي صَحْنِ الْإِيوَانِ وَقَفَ ثُمَّ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِشَيْءٍ مَا أَدْرِي مَا هُوَ ثُمَّ أَدْخَلْتُهُ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ وَ أَنْتَ يَا جَعْفَرُ مَا تَدَعُ حَسَدَكَ وَ بَغْيَكَ وَ فَسَادَكَ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ وَ مَا يَزِيدُكَ اللَّهُ بِذَلِكَ إِلَّا شِدَّةَ حَسَدٍ وَ نَكَدٍ مَا يُبْلَغُ بِهِ مَا تَقْدِرُهُ فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا فَعَلْتُ شَيْئاً مِنْ هَذَا وَ لَقَدْ كُنْتُ فِي وِلَايَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ أَعْدَاءُ الْخَلْقِ لَنَا وَ لَكُمْ وَ أَنَّهُمْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَوَ اللَّهِ مَا بَغَيْتُ عَلَيْهِمْ وَ لَا بَلَغَهُمْ عَنِّي سُوءٌ مَعَ جَفَائِهِمُ الَّذِي كَانَ لِي فَكَيْفَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَصْنَعُ الْآنَ هَذَا وَ أَنْتَ ابْنُ عَمِّي وَ أَمَسُّ الْخَلْقِ بِي رَحِماً وَ أَكْثَرُهُمْ عَطَاءً وَ بِرّاً فَكَيْفَ أَفْعَلُ هَذَا- فَأَطْرَقَ الْمَنْصُورُ سَاعَةً وَ كَانَ عَلَى لِبْدٍ وَ عَنْ يَسَارِهِ مِرْفَقَةٌ جُرْمُقَانِيَّةٌ وَ تَحْتَ لِبْدِهِ سَيْفٌ ذُو فَقَارٍ كَانَ لَا يُفَارِقُهُ إِذَا قَعَدَ فِي الْقُبَّةِ قَالَ أَبْطَلْتَ وَ أَثِمْتَ ثُمَّ رَفَعَ ثَنْيَ الْوِسَادَةِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا إِضْبَارَةَ كُتُبٍ فَرَمَى بِهَا إِلَيْهِ وَ قَالَ هَذِهِ كُتُبُكَ إِلَى أَهْلِ خُرَاسَانَ تَدْعُوهُمْ إِلَى نَقْضِ بَيْعَتِي وَ أَنْ يباعوك [يُبَايِعُوكَ دُونِي فَقَالَ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا فَعَلْتُ وَ لَا أَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَ لَا هُوَ مِنْ مَذْهَبِي وَ إِنِّي لَمِنْ مَنْ يَعْتَقِدُ طَاعَتَكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ السِّنِّ مَا قَدْ أَضْعَفَنِي مِنْ ذَلِكَ لَوْ أَرَدْتُهُ فَصَيِّرْنِي فِي بَعْضِ جُيُوشِكَ حَتَّى يَأْتِيَنِي الْمَوْتُ فَهُوَ مِنِّي قَرِيبٌ فَقَالَ لَا وَ لَا كَرَامَةَ ثُمَّ أَطْرَقَ وَ ضَرَبَ يَدَهُ إِلَى السَّيْفِ فَسَلَّ مِنْهُ مِقْدَارَ شِبْرٍ وَ أَخَذَ بِمِقْبَضِهِ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ ذَهَبَ وَ اللَّهِ الرَّجُلُ.