responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب نویسنده : العلامة الحلي    جلد : 0  صفحه : 58

نجده يقول: (في طريقها ابن هلال، و هو ضعيف جدّا). علما بأن المؤلّف قد عمل بهذه الرواية في جزئها الأول. طبيعيّا، سوف نرى عند حديثنا عن تعامله مع السّند «و هو أمر لحظناه في تعامله مع روايات الجمهور»، انّ المؤلّف يستهدف «إلزام المخالف» فحسب، لذلك «يشكل» عليه ما أمكن، و هو أمر له مشروعيته حقّا في حالة كون المؤلّف قد أورد الخبر بمثابة تكثير للأدلّة الّتي تعزّز صحّة الخبر الضّعيف. بيد أنّ الأمر الّذي تحدر ملاحظته في هذا الصّعيد، هو: أنّ المؤلّف عند ما ينفرد بدليل روائيّ واحد و يترتّب عليه الحكم حينئذ لا مجال المؤاخذة المخالف بالعمل بها. ففي تدليله على عدم استلزام الكذب للكفّارة: ردّ المخالف على استدلاله بخبري أبي بصير و سماعة قائلا: (و الجواب عن الحديثين باشتمالهما على ما منعتم من العمل به) كما أنّه في استدلاله برواية سليمان بالنّسبة إلى استلزام الغبار للكفّارة، عقّب قائلا:

(الاستدلال بهذه الرّواية ضعيف لوجهين، أحدهما: عدم الاتّصال إلى إمام. الثّاني:

اشتمال هذه الرّواية على أحكام لا تثبت على ما يأتي).

فالملاحظ هنا أنّ استدلاله بكون رواية سليمان تشتمل على أحكام غير ثابتة، يتزامن مع كونه قد رتّب عليها أثرا و هو مفطّريّة الغبار. كذلك اشتمال رواية أبي بصير على ما منع به الآخرون العمل، يتضمّن نفس الشّي‌ء حيث إنّ المؤلّف أيضا قد عمل بجزء من الرّواية و ترك العمل بما هو ممنوع منه. لذلك نجد أنّ «تضادّا» ملحوظا في مثل هذه الممارسات لدى المؤلّف، ممّا يصعب التسليم بها في هذا المجال، إلّا مع فرضيّة «إلزامه» المخالف. إلّا أنّ المخالف ما دام قد عمل بجزء من الرّواية- بدليل ذهابه إلى مفطّريّة الكذب مثلا- حينئذ لا مجال لإلزامه بالقول بأنّ الرّواية تضمّنت ما لم يعملوا بها من الأحكام.

التّعامل مع الأصول العمليّة و سواها:

النّماذج المتقدّمة، تجسّد تعامل المؤلّف مع النّص: كتابا و سنّة، كما تجسّد تعاملا مع الدّليل الثّالث «العقل». و أمّا الدّليل الرّابع «الإجماع» فقد لحظنا مستوياته عند عرضنا‌

منتهى المطلب في تحقيق المذهب، المقدمة، ص: 59‌

لمنهجه في المقارنة. و أمّا بالنّسبة للأصول العمليّة و سواها فبالرّغم من أنّنا لحظنا تعامله مع الأصول المذكورة في صعيد «المقارنة» إلّا أنّ ثمّة ملاحظات لا بدّ من عرضها في هذا الحقل الّذي نتحدّث عنه الآن، و لعلّ أهمّ ما ينبغي أن نلحظه هو: منهج المؤلّف في التّعامل مع الأصول، حيث نعرف جميعا بأنّ الأصل العمليّ هو: الدّليل الثّانوي الّذي يلجأ إليه الفقيه في حالة عدم الحصول على الدّليل المحرز، و هذا ما أشار المؤلّف إليه في مواقع متنوّعة من ردوده على المخالف، مثل ردّه على من اعتمد «الاستصحاب» في طهارة المسكر قائلا:

(الاستصحاب إنّما يكون دليلا ما لم يظهر مناف، و الأدلّة الّتي ذكرناها- أي النّصوص- تزيل حكم الاستصحاب) و مثل ردّه على القائل بعدم الكفّارة لمن فاته صيام رمضان في اعتماده أصل البراءة، قائلا: (إنّ أصالة براءة الذّمّة لا يصار إليها مع وجود المزيل و هو ما تقدّم من الأحاديث). غير أنّ المؤلّف هنا لا يحقّ له إلغاء «الأصل» الّذي اعتمده المخالف «و هو ابن إدريس» حيث لم يعتمد هذا الفقيه الأخبار الّتي أوردها المؤلّف بل اعتبرها «ظنّيّة» ممّا سوّغ له الرّجوع إلى «الأصل». و بغضّ النّظر عن ذلك، فإنّ المؤلّف انطلاقا من هذا المبدأ نجده يعتمد «الأصل»- بمختلف أقسامه و مستوياته- عند فقدان الدّليل، مثل ذهابه إلى عدم طهارة المياه بعد زوال تغيّرها بالنّجاسة، قائلا: (و لأنّها نجسة قبل الزّوال فيستصحب الحكم) و مثل ذهابه إلى عدم تكرّر الكفّارة لمن أخّر قضاء صومه لسنتين قائلا: (لأنّ الأصل: براءة الذّمّة).

فالمؤلّف حينما اعتمد الاستصحاب و البراءة في النّموذجين السّابقين إنّما اعتمدهما بناء على فقدان النّص، كما أنّه حينما ردّ المخالف على اعتماده دليلي الاستصحاب و البراءة و غيرهما، إنّما كان ردّه نابعا من وجود النّصّ. و هذا يعني انتفاء «الأصل» في حالة وجود النّص، لكن يبدو أنّ المؤلّف ينطلق من قناعات خاصّة «و مثله الكثير من فقهائنا قديما و حديثا» بالنّسبة إلى اعتماده «الأصل» في حالة وجود النّصّ أيضا بالرّغم من كونه ينكر على الآخرين مثل هذا الاعتماد، كما لحظنا.

فالملاحظ في ممارساته أنّه يعتمد «الأصل» إلى جانب «النّصّ»- في حالة توافق الدّليلين: «النّصّ و الأصل» كما لو أضاف إلى النّصّ «أصلا»، و هذا من نحو ذهابه إلى‌

نام کتاب : منتهى المطلب في تحقيق المذهب نویسنده : العلامة الحلي    جلد : 0  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست