يبقى الإشكال على هذا التفصيل فيما لو أوصى بلفظ عام بعد فعل ما يوجب
القتل يندرج فيه الجاني، و الأقوى فيه المنع أصلا، عملا بالعرف.
قوله رحمه
اللّه: «و لو أبرأ العبد الجاني لم يصحّ على إشكال».
أقول: منشأه انّ
من العبد باشر الجناية فكان العفو صحيحا.
و من انّ
الجناية في الحقيقة تتعلّق بالسيد، لأنّه ملكه، و العفو توجه عن العبد فلا يقع عن
السيد فكان حكم الجناية باقيا.
قوله رحمه
اللّه: «و لو قطع يمين مجنون فوثب المجنون فقطع يمينه قيل: تقع قصاصا، و
قيل: لا، و يكون قصاص المجنون باقيا، و دية جناية المجنون على عاقلته».
أقول: الذي وصل
إلينا من أقوال أصحابنا في هذه المسألة قول الشيخ في المبسوط، و قول الشيخ نجم
الدين في الشرائع.
امّا الشيخ
في المبسوط فقال فيه: فامّا إن وثب المجنون فقطع يد الجاني فهل يكون قصاصا أم لا؟
قال بعضهم: يكون قصاصا، لأنّ المجنون إذا كان له حقّ معيّن فأتلفه كان بمنزلة
الاستيفاء، كما لو كان له وديعة عند غيره فهجم عليها فأتلفها فلا ضمان على المودع.
و قال بعضهم- و هو الأقوى-: لا يكون ما فعله استيفاء لحقّه بحال و لا يكون قصاصا،
لأنّ المجنون لا يصحّ منه استيفاء حقّه[1].
[1]
المبسوط: كتاب الجراح فصل في القصاص و الشجاج ج 7 ص 105.