يَعْرِضُ فِي قَلْبِي مِمَّا يَرْوِي هَؤُلَاءِ، فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ مَضَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَآجَرَكَ اللَّهُ فِي أَعْظَمِ الرَّزِيَّةِ، وَ هَنَّأَكَ أَفْضَلَ الْعَطِيَّةِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ، أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ وَصَفْتُ لَهُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ.
فَكَتَبَ: «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ الْإِيمَانَ حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّهُ يَجْرِي لِآخِرِهِمْ مَا يَجْرِي لِأَوَّلِهِمْ فِي الْحُجَّةِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْحَرَامِ وَ الْحَلَالِ سَوَاءً، وَ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلُهُمَا. وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ حَيٌّ يَعْرِفُهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خَلْقِهِ إِلَّا بِإِمَامٍ حَيٍّ يَعْرِفُونَهُ.
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى اللَّهِ وَ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَلْيَتَوَلَّ آلَ مُحَمَّدٍ وَ يَبْرَأَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَ يَأْتَمَّ بِالْإِمَامِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ نَظَرَ إِلَى اللَّهِ، وَ لَوْ لَا مَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا عَلَى شِيعَتِنَا، إِنْ تَزِلَّ قَدَمٌ تَثْبُتُ أُخْرَى.
وَ قَالَ: مَنْ لَكَ بِأَخِيكَ كُلِّهِ، لَكَانَ مِنِّي مِنَ الْقَوْلِ فِي ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ ابْنِ السَّرَّاجِ وَ أَصْحَابِ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ، أَمَّا ابْنُ السَّرَّاجِ فَإِنَّمَا دَعَاهُ إِلَى مُخَالَفَتِنَا وَ الْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِنَا، أَنَّهُ عَدَا عَلَى مَالٍ لِأَبِي الْحَسَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَظِيمٍ فَاقْتَطَعَهُ فِي حَيَاةِ أَبِي الْحَسَنِ، وَ كَابَرَنِي عَلَيْهِ وَ أَبَى أَنْ يَدْفَعَهُ، وَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مُسَلِّمُونَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى تَسْلِيمِهِمُ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا إِلَيَّ، فَلَمَّا حَدَثَ مَا حَدَثَ مِنْ هَلَاكِ أَبِي الْحَسَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ اغْتَنَمَ فِرَاقَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَ أَصْحَابِهِ إِيَّايَ، وَ تَعَلَّلَ، وَ لَعَمْرِي مَا بِهِ مِنْ عِلَّةٍ إِلَّا اقْتِطَاعُهُ الْمَالَ وَ ذَهَابُهُ بِهِ.
وَ أَمَّا ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ تَأَوَّلَ تَأْوِيلًا لَمْ يُحْسِنْهُ، وَ لَمْ يُؤْتَ عِلْمَهُ، فَأَلْقَاهُ إِلَى النَّاسِ فَلَجَّ فِيهِ وَ كَرِهَ إِكْذَابَ نَفْسِهِ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِ بِأَحَادِيثَ تَأَوَّلَهَا وَ لَمْ يُحْسِنْ