اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِطَاعَتِكُمْ، وَ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ دِينِي، وَ أَشْيَاءَ جَاءَ بِهَا قَوْمٌ عَنْكَ بِحُجَجٍ يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَيَّ فِيكَ، وَ هُمُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَاكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَيٌّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَمُتْ يَقِيناً، وَ مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّا سَأَلْنَاهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَأَجَابَ بِخِلَافِ مَا جَاءَ عَنْ آبَائِهِ وَ أَقْرِبَائِهِ كَذَا، وَ قَدْ نَفَى التَّقِيَّةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْشَى.
ثُمَّ إِنَّ صَفْوَانَ [1] لَقِيَكَ فَحَكَى لَكَ بَعْضَ أَقَاوِيلِهِمُ الَّتِي سَأَلُوكَ عَنْهَا، فَأَقْرَرْتَ بِذَلِكَ وَ لَمْ تَنْفِهِ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ أَجَبْتَهُ بِخِلَافِ مَا أَجَبْتَهُمْ، وَ هُوَ قَوْلُ آبَائِكَ، وَ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ لِتُخْبِرَنِي لِأَيِّ شَيْءٍ أَجَبْتَ صَفْوَانَ بِمَا أَجَبْتَهُ، وَ أَجَبْتَ أُوَلئِكَ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ حَيَاةً لِي وَ لِلنَّاسِ، وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ مَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً [2].
فَكَتَبَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَدْ وَصَلَ كِتَابُكَ إِلَيَّ، وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ مِنْ حُبِّكَ لِقَائِي وَ مَا تَرْجُو فِيهِ، وَ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ أُشَافِهَكَ فِي أَشْيَاءَ جَاءَ بِهَا قَوْمٌ عَنِّي، وَ زَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحُجَجٍ عَلَيْكُمْ وَ يَزْعُمُونَ أَنِّي أَجَبْتُهُمْ بِخِلَافِ مَا جَاءَ عَنْ آبَائِي، وَ لَعَمْرِي مَا يُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَا يَهْدِي الْعُمْيَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ يُرِدِ اللّٰهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلٰامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمٰا يَصَّعَّدُ فِي السَّمٰاءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ اللّٰهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ [3] إِنَّكَ لٰا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [4].
وَ قَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوِ اسْتَطَاعَ النَّاسُ لَكَانُوا شِيعَتَنَا أَجْمَعِينَ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخَذَ مِيثَاقَ شِيعَتِنَا يَوْمَ أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ.
[2] المائدة 5: 32.
[3] الانعام 6: 125.
[4] القصص 28: 56.