نام کتاب : تلخيص المرام في معرفة الأحكام نویسنده : العلامة الحلي جلد : 0 صفحه : 12
فنشأ شيخنا
المترجم له في بيت عرف بالعلم والتقي في إحضان والده وبرعاية خاله المحقّق الحلّي
، فدرس عليهما وعلى غيرهما من العلماء الجهابذة الذين كانوا أعلام عصرهم وفطاحلة
زمانهم ، فنشأ عليهم نشأة كريمة ، وترعرع في كنفهم رعاية خاصّة ، ممّا جعلته يفوق
أقرانه ، ويبرز في سنّ مبكّر. ولا أريد التعرّض لتحديد السنّ الذي بلغ فيه مرتبة
الاجتهاد ، أو الذي بدأ فيه بالتصنيف ، لما وقع فيه من التضارب في الأقوال ، فليطلب
من مظانّه [١].
ففي تلك السنين
مرّت ظروف عصبية على الحلّة كادت أن تفنى بعلمائها وتندثر معالمها الخالدة على يد
السلطان الجزّار « هولاكو » ـ الذي كان قد وصل إلى مشارف بغداد ـ لو لا حكمة والد
العلّامة رحمهالله حيث اجتمع مع من بقي من أهل الحلّة ، وقرّروا إنفاذ
كتاب للسلطان يطلبون فيه الأمان والنزول تحت حكمه ، وكانت آن ذاك خطوة حسّاسة ،
لأنّهم لم يعلموا ما ذا سيكون موقفه منهم ، فوصل الكتاب ، وأرسل على أثره من يحضر
والد العلّامة ، فخرج من الحلّة مع جنود السلطان ولا يدري ما ذا سيصنع به ، وله
قصّة معروفة مع السلطان حينما أخبره الشيخ عن سبب مكاتبتهم له ، ولم تمض مدّة
قصيرة حتّى عاد والد العلّامة إلى الحلّة وبيده ( الفرمان ) من السلطان فيه أمان
لأهل الحلّة والمشهدين الشريفين.
وبعد هذا دخل
السلطان إلى مدينة بغداد واستباحها ، فأحدث فيها مجزرة عظيمة لم ينجو منها أحد
حتّى الشيوخ والأطفال والنساء.
ومن هنا نعلم
مدى العمق الفكري لدى أهل الحلّة وعلمائها بالخصوص ، حيث إنّهم كانوا يعرفون من هو
« هولاكو » فعلموا أنّ الوقوف في وجهه لا يجدي نفعا بل يجلب ضررا ، ففضّلوا الصلح
والمهادنة ، وبهذا نجت الحلّة من بطش السلطان الجزّار.
ففي خضمّ هذه
الأحداث نشأ علّامتنا الحلّي قدس سرّه.
وبعد مدّة من
الزمن عرضت مشكلة لشاه إيران ، وهو الشاة خدابنده ، فلم يجد لها حلّا عند أبناء
العامّة ، فقيل له : إنّ في الحلّة عالما من علماء الشيعة يستطيع حلّها ، فاستحضره
الملك ، وفعلا شدّ الرحال إليه .. وجرى ما جرى ـ والقصّة مذكورة في محلها بالتفصيل
[٢]
[١] وقد كفانا
المئونة الشيخ رضا المختاري في مقدّمة التحقيق لغاية المراد ١ : ٣٧.