بسم اللّه
الرحمن الرحيم، الحمد للّه كما هو أهل الحمد لما أولى من جزيل نعمائه و آلائه، و
صلى اللّه على محمد نبيه و على الصفوة من أولياء ذريته.
و أما ما
جاء فى كتاب الدعائم من ذكر الطهارة فالطهارة فى الظاهر الوضوء و الغسل بالماء و
التيمم بالصعيد لمن يجوز له، ذلك من أحداث الأبدان، و الطهارة فى الباطن التطهر
بالعلم و بما يوجبه العلم من أحداث النفوس قال اللّه:
و قال: «وَ
يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ
يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطٰانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلىٰ
قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدٰامَ»[2]. و قد تقدم
القول بأن الماء مثله مثل العلم فكما يطهر الماء الظاهر من أحداث الأبدان الظاهرة
كذلك يطهر العلم من أحداث النفوس الباطنة و أفاعيلها الردية الموبقة و كذلك يكون
الطهور بما يوجبه العلم من الواجبات قال اللّه تعالى: «خُذْ مِنْ
أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ[3] و قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الحدّ طهور مما وجب فيه» و قال: «الحمى طهور من رب
غفور» و ذلك أن اللّه يكفر بها ذنب من غفر له إذا أصابه بها و قال تعالى: «وَ
إِذْ بَوَّأْنٰا لِإِبْرٰاهِيمَ مَكٰانَ الْبَيْتِ أَنْ
لٰا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ
الْقٰائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ»[4]، فلم يسكنه
إلا الصفوة من ولد إسماعيل صلى اللّه عليه و سلم و لما تغيرت الأمور من بعده و سكن
الحرم المشركون و بعث اللّه نبيه محمدا صلى اللّه عليه و سلم كان فيما أنزله عليه
قوله: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلٰا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ
الْحَرٰامَ بَعْدَ عٰامِهِمْ هٰذٰا[5]، فنفاهم
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الحرم فكان طهور البيت إسكان أولياء اللّه فيه
و إخراج أعدائه منه و لم يكن ذلك بالماء فى الظاهر هو كما يكون الطهور الظاهر، و
قال اللّه تعالى لرسوله محمد صلى اللّه عليه و سلم: «يٰا
أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيٰابَكَ
فَطَهِّرْ»[6] فكان أول ما افترض عليه بعد إنذاره[7] أن يبدأ
بتطهير ثيابه