و واجب طاعتهم ليدل بذلك أنه لا بد من حجة لصاحب كل زمان و يكنى بذلك
عن حجة زمانه لاستتاره، و لئلا يدل بذلك عليه و يطيل حدود الدعوة لما يرجو بذلك من
زوال المحنة، و طول التسبيح فيها معناه طول التنزه عن المعاصى قال تعالى فى قصة
يونس عليه الصلاة و السلام: «فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون»
و ذلك فى حين استتاره و محنته، و كان الّذي سبق له من التسبيح الّذي هو التنزيه
سبب خلاصه من المحنة التى وقع فيها، فذلك أمر فى ظاهر صلاة الكسوف بكثرة التسبيح و
فى باطنها بالإخلاص الموجب للتنزه عن محارم اللّه تعالى و طول القيام بحدود دينه و
كثرة ذكره و طول الطاعة لأوليائه و مثل ذلك طول الركوع و السجود فى صلاة الكسوف فى
الظاهر ليجليه اللّه عز و جل، كذلك يكون ذلك من المؤمنين إذا وقعت بهم المحنة و
استتر عنهم أولياء أمرهم ليجلى اللّه ذلك بفضله و بما يطلع عليه من إخلاصهم عنهم.
فافهموا
أيها المؤمنون فهمكم اللّه و بصركم و علمكم، و صلّى اللّه على محمد نبيه و على
الأئمة من ذريته و سلم تسليما.
المجلس
الثامن من الجزء السادس: [ذكر صلاة الاستسقاء]
بسم اللّه
الرحمن الرحيم الحمد للّه المطلع على خفيات الغيوب و غوامض الأسرار، فسواء عنده
كما قال تعالى من أسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار، و
صلى اللّه على أفضل المرسلين محمد خاتم النبيين و على الأئمة من ذريته الطاهرين.
ثم إن الّذي
يتلو ما مضى من ذكر تأويل صلاة الكسوف ما قد سمعتموه أن من قرأ فى صلاة الكسوف
بطول المفصل و رتل القراءة فقد أحسن و إن قرأ من المثانى و ما دونها من السور
أجزأه، و إن عليّا صلى اللّه عليه و سلم قرأ فيها سورة من المثانى و سورة الكهف و
سورة الروم و يس و الشمس و ضحاها، و المثانى سور أولها البقرة و آخرها براءة و ليس
فى هذا شيء موقت.
و عن الصادق
أنه رخص فى تبعيض السور فى صلاة الكسوف و ذلك أن يقرأ ببعض السورة ثم يركع ثم يرجع
إلى الموضع الّذي قرأ منه و قال عليه الصلاة و السلام فإن بعض السورة لم يقرأ
بفاتحة الكتاب إلا فى أولها و لأن يقرأ سورة فى كل ركعة