أيضا كل عمل من خير أو شر قال اللّه تعالى: «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسٰانِ إِلّٰا مٰا
سَعىٰ وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرىٰ ثُمَّ يُجْزٰاهُ
الْجَزٰاءَ الْأَوْفىٰ»[1] و قال: «وَ إِذٰا تَوَلّٰى
سَعىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهٰا وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ
النَّسْلَ وَ اللّٰهُ لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ»[2] و المراد بقول اللّه فاسعوا إلى ذكر
اللّه السعى فى الخير لأنه أمر من اللّه و اللّه سبحانه لا يأمر بالسوء كما قال جل
من قائل: «إِنَّ اللّٰهَ لٰا
يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ»[3].
و يتلو ذلك
ما جاء عن على صلى اللّه عليه و سلم أنه كان إذا مشى إلى الجمعة مشى حافيا و علق
نعليه بيده اليسرى، تأويل ذلك و الّذي يشار به إليه فى الباطن أن يكون الداخل إلى
دعوة الحق غير مستعمل الظاهر ما كان عليه و لا مطروحا له و لكنه يتمسك به إلى أن
يؤمر ما يعمل عليه كما ذكرنا فيما مضى أن مثل النعل فى التأويل مثل الظاهر، و أن
منه قول اللّه تعالى فى قصة موسى: «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ
بِالْوٰادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً»[4] فافهموا التأويل
أيها المؤمنون نفعكم اللّه بما تسمعون و جعلكم به من العاملين و صلى اللّه على
محمد النبي و على آله الطيبين الطاهرين و سلم تسليما.
تم الجزء
الخامس من كتاب تربية المؤمنين و يتلوه الجزء السادس من كتاب تربية المؤمنين
بالتوقيف على حدود باطن الدين
[الجزء
السادس]
المجلس
الأول من الجزء السادس: [فى ذكر صلاة الجمعة]
بسم اللّه
الرحمن الرحيم الحمد للّه أهل الفضل و الحمد و النعمة، و ولى الطول و الجود و
الإحسان و المواهب الجمة، و صلى اللّه على محمد نبى الرحمة، و على على وصيه و
الصفوة، من ذريته الأئمة، ثم إن الّذي يتلو ما قد تقدم ذكره من تأويل ما فى كتاب
الدعائم ما جاء عن على بن الحسين صلى اللّه عليه و سلم أنه كان يشهد الجمعة مع
أئمة الجور تقية و لا يعتد[5] بها و يصلى الظهر
لنفسه.
و عن جعفر
بن محمد صلى اللّه عليه و سلم أنه قال لا جمعة إلا مع إمام عدل.
و عن على
صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: لا يصلح الحكم و لا الحدود[6] و لا
الجمعة إلا بإمام، تأويل ذلك ما قد تقدم القول به من أن مثل صلاة الجمعة مثل دعوة
محمد صلى اللّه عليه و سلم و أنها كذلك مثل دعوة الأئمة من ذريته لأنهم إلى دعوته
يدعون