و أقامهم خزنة لحكمته و سفراء فيما بينه و بين عباده و السفير فى
اللغة المبلغ عن قوم إلى قوم، و السفرة فى اللغة أصحاب الأسفار و هى الكتب واحدها
سفر و قال المفسرون فى قول اللّه تعالى بأيدى سفرة قالوا هم ملائكة سماء الدنيا
قالوا و هم كتبة الملائكة الذين يكتبون أعمال أهل الأرض فحاموا حول التأويل و لم
يعرفوه و قد ذكرنا تأويل الملائكة و أن أسماءهم مشتقة من «المألكة»[1] و هى الرسالة و كذلك الملائكة هم رسل
اللّه و رسل رسله و سيأتى أمرهم بتمامه فى موضعه إن شاء اللّه تعالى، و كذلك كما
ذكرنا يجرى اسم الملك على كل من ملك شيئا بالحقيقة من أمور العباد من أهل دعوة الحق
و أرسل فى ذلك إليهم لأنهم يتصلون فى ذلك بالملائكة الذين هم رسل اللّه و يؤدون
إلى العباد ما أدته الملائكة عنه بعضهم إلى بعض حتى اتصل ذلك بأنبياء اللّه، و
اتصل عن الأنبياء إلى كل قائم بذلك مرسل فيه المعنى فى ذلك يجمع جميعهم و مما تقدم
ذكره من الأمر بالتوسط فى دعوة الحق قول اللّه تعالى: «وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ وَ
لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ»[2] «و قوله: «وَ الَّذِينَ
إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا»[3] و قوله: «وَ مٰا هُوَ
عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ»[4] أى شحيح و قوله:
«وَ
لٰا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ» و غير ذلك مما أمر اللّه به من التوسط فى
أمور الدنيا و الدين.
و جاء عن
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال دين اللّه بين الغالى و المقصر، و جاء
عنه أنه قال: خير الأمور أوسطها؛ فهذا و ما هو فى معناه يدخل و يجرى فيما ذكرناه
من أمر الصادق صلى اللّه عليه و سلم بالتوسط بالقراءة فى الصلاة ظاهرا و باطنا.
و كذلك
ينبغى للمؤمن أن يتوسط فيما يأخذه من دعوة الحق و يقتصر فى ذلك على ما يلقيه إليه
من الدعاة من وصفناهم بالتوسط و العدل و حسن السياسة فى ذلك و لا ينزع بنفسه و ابتغائه
من ذلك إلى ما لم يبق إليه و لم يبلغ إلى حده فيهلك. فافهموا أيها المؤمنون و
اعقلوا آداب أولياء اللّه و إياكم و الواجب عليكم فيما حملوكم، أعانكم اللّه على
ذلك و وفقكم منه إلى ما يرضيه و يزكو لديه و يزدلف به إليه و صلى اللّه على محمد
نبيه و على الأئمة الأبرار من أهل بيته و سلم تسليما.
المجلس
الرابع من الجزء الخامس: [فى صفات الصلاة]
بسم اللّه
الرّحمن الرّحيم الحمد للّه الأزلى القديم لا بمجارى الأوقات، الباقى لى