و ذلك أن يقطع ما أوجبه اللّه لأحد منهم و يوجب للأخوة ما أوجبه
اللّه له فيفرق فى ذلك الواجب بينهما و ذلك من قول اللّه تعالى «يَقْطَعُونَ مٰا أَمَرَ اللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ»[1] و قوله: لا نفرق بين أحد من رسله، و
قوله: و يريدون أن يفرقوا بين اللّه و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و من
كفر بواحد من أنبياء اللّه و أوليائه أو جحد حقه خرج بذلك من الإيمان و الرخصة فى
التفرقة بين القدمين فى الصلاة من علة، تأويله أن يفعل ذلك من أكره عليه و خاف على
نفسه و قد قال تعالى «إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ
قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ»[2] و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم» تجاوز اللّه لأمتى عن الخطأ
و النسيان و ما أكرهوا عليه».
و يتلو ذلك
ما جاء عن الصادق صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إذا كنت قائما فى الصلاة فلا تضع
يدك اليمنى على اليسرى، و لا اليسرى على اليمنى، فإن ذلك تكفير أهل الكتاب، و لكن
أرسلها إرسالا فإنه أحرى ألا تشتغل نفسك عن الصلاة، فهذه هى السنة فى ظاهر الصلاة
فى قول الأئمة المهديين صلى اللّه عليهم و سلم أن يكون المصلى يرسل يديه إذا وقف
فى الصلاة و لا يجعل أحدهما على الأخرى قبل صدره و قد قال بذلك أكثر العوام و
تأويله ألا يستر المفاتح عن من يفاتحه ممن يجوز له مفاتحته حجة زمانه بإمامه و
إمامه بحجته فيظهر له أحدهما و يكتم الآخر إذا كانا قد ظهرا لأهل دعوة الحق، و مثل
اليد اليمنى فى التأويل مثل الإمام، و مثل اليسرى مثل الحجة فافهموا أيها المؤمنون
أمثال ظاهر دينكم فى تأويل باطنه، فإنه ليس من ذلك شيء صغر و لا كبر إلا و له
ظاهر و باطن، و من ذلك قوله تعالى «وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
خَلَقْنٰا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»[3] فهمكم
اللّه من ذلك ما تسمعون، و جعلكم بطاعته و ما يرضيه من العاملين. و صلى اللّه على
محمد النبي و على الأئمة من ذريته الطاهرين و سلم تسليما.
المجلس
الثالث من الجزء الخامس: [فى صفات الصّلاة و سننها]
بسم اللّه
الرحمن الرحيم الحمد للّه الّذي لا تدركه لطائف الأفهام و لا يبلغ نوافذ الأوهام
إلى إدراك كيفية إنشائها و حقيقة تركيب بعوضة برأها فى قلتهما و خفى صورتهما و لا
ما برأ من الأفلاك الدائرات و الأرضين الساكنات و ذرأ بينهما من