و قد جاء فى مثل ذلك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال:
ليلنى منكم أولو النهى و العلم، و تأويل ذلك ما قد تقدم القول به من أن ذلك كذلك
يجب فى ظاهر الصلاة أن يكون الذين يلون الإمام إذا صلى بالناس علماءهم و أهل الفضل
منهم فإن تعايا و توقف فى القراءة لقنوه و إن سها فى الصلاة سبحوا له ليذكر ما سها
فيه فيرجع إلى الواجب منه و أن ذلك فى الباطن كذلك لا يلى صاحب دعوة الحق فى
الرتبة و الدرجة إلا أفضل أهل تلك الدعوة فإن سها عن شيء عندهم منه علم ذكروه
إياه على ما تقدم القول به.
و يتلو ذلك
قول أبى جعفر محمد بن على صلى اللّه عليه و سلم إذا صلى النساء مع الرجال قمن فى
آخر الصفوف لا يتقدمن رجلا و لا يحاذينه إلا أن يكون بينهن و بين الرجال سترة، و
هذا هو الواجب فى ظاهر الصلاة، و تأويله ما قد تقدم القول به من أن الرجال أمثال
المفيدين و النساء أمثال المستفيدين، و أن درجة المفيدين فوق درجة المستفيدين و لا
ينبغى للمستفيد أن يتجاوز حده إلى حد المفيد و لا أن يدانيه بل ينبغى كما ذكرنا أن
يقع دونه و يتواضع له.
و أما قوله
إلا أن يكون بينهن و بين الرجال سترة، تأويله أن يكون المفيد مستترا لحال التقية
فيعامل المستفيد منه فى الستر و يفيده و يتقدم إليه ألا يدل عليه شيء من إجلاله و
لا التواضع له فيطرح ذلك المستفيد فى ظاهر أمر تقية على مفيده و على نفسه فافهموا
بيان التأويل يا ذوى النهى و العقول جعلكم اللّه ممن يفهم و يعلم و يعمل بما علم.
و صلى اللّه على محمد نبيه و على الأئمة من ذريته و سلم تسليما.
تم الجزء
الرابع من كتاب تربية المؤمنين يتلوه الجزء الخامس من كتاب تربية المؤمنين
بالتوقيف على حدود باطن الدين من كتاب دعائم الإسلام
[الجزء
الخامس]
المجلس
الأول منه: [فى ذكر صفات الصلاة]
بسم اللّه
الرحمن الرحيم الحمد للّه الّذي لم تقع لطائف الأفهام منه على تكييف، و لا خلصت
دقائق الفكر منه إلى تصنيف، و صلى اللّه على محمد النبي المرسل و على على صلى
اللّه عليه و سلم وصيه الطاهر المفضل و على الأئمة من ولده الأوصياء من نسله و
عترته و عدده. ثم إن الّذي يتلو ما تقدم ذكره من تأويل ما فى كتاب الدعائم: