ذلك فى ظاهر الصلاة أن النساء إنما يصطففن فى الصلاة مع الرجال فى
مؤخر المسجد خلف صفوف الرجال، قال فالصف الّذي يلى صف الرجال الآخر منهم و هو أول
صفوفهن يدنو من الرجال و يراهن من فيه و ذلك مكروه و الصف الّذي يليه أستر فى ذلك
و أفضل منه و كذلك الآخر فالآخر و أفضلها آخر صفوف النساء لبعدهن من الرجال، و
سنذكر فى صلاة الجنائز إذا انتهينا إلى ذكرها، لم كان كذلك الصف الآخر أفضلها إن
شاء اللّه تعالى، فافهموا أيها المؤمنون ما يلقى إليكم و ما تسمعون، فهمكم اللّه و
علمكم و نفعكم بما أسمعكم و أوزعكم شكر نعمته ليزيدكم من فضله و رحمته، و صلى
اللّه على محمد نبيه، و على الأئمة أبرار عترته، و سلم تسليما، حسبنا اللّه و نعم
الوكيل و نعم المولى و نعم النصير، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلى العظيم.
المجلس
العاشر من الجزء الرابع: [فى ذكر الجماعة]
الحمد للّه
الّذي جل عن تقدير المتوهمين، و لطف عن لطيف بحث المتوسمين، و صلى اللّه على محمد
النبي و على الأئمة من ذريته الطاهرين، ثم إن الّذي يتلو ما تقدم ذكره ما جاء عن
أمير المؤمنين صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: أول الصفوف أفضلها و هو صف الملائكة
و أفضل المقدم ميامن الإمام: تأويله ما قد تقدم القول به من أن أمثال الصفوف أمثال
درجات المستجيبين إلى دعوة الحق على مقادير فضلهم و سبقهم، و أن أمثال الملائكة من
الناس أمثال المملكين أمور العباد و هم أولياء اللّه من رسله و أئمة دينه و من
ملكوه شيئا من أمور العباد و أرسلوهم له و الملك و الملائكة فيما ذكر أهل اللغة
مشتقة أسماؤهم من الرسالة و الألوك، و المألكة فى لغة العرب الرسالة و قد قال
تعالى: «اللّٰهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلٰائِكَةِ رُسُلًا وَ
مِنَ النّٰاسِ»[1] فالصف الأول من صفوف ظاهر الصلاة لا ينبغى
أن يقف فيه إلا أفضل أهل المسجد من علمائهم كما قال صلى اللّه عليه و سلم: ليلينى
منكم أولو النهى و العلم و ينبغى أن يكون على يمين الإمام فى الصف من خلفه أفضلهم
و من يصلح أن يكون إماما إن حدث به حدث يوجب خروجه من الصلاة لأن انصرافه إذا
انصرف من الصلاة إنما يكون عن ذات اليمين فيكون من يقدمه هناك فيأخذ بيده و يقدمه
مكانه و على هذا يجرى مراتب أهل الدعوة فى حدودها بأن يكون الذين يلون القائم بها
فى الدرجة العالية من درجات