نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 559
فيستحيل أن يرجع تارة أخرى إلى القوة المحضة و القابلية الصرفة إياه
و كل نفس قد مر أنها بحسب النشأة الثانية قوة محضة ثم تصير لها ملكة إدراك
الأوليات و الانتقال إلى النظريات فمتى بلغت إلى حد ما من حدود الوجود فمحال أن
يرجع عنه و قد تحقق أيضا أن الصورة و المادة شيء واحد له جهتا فعل و قوة و هما
معا يتحركان و يتدرجان في الاستكمال و يتحولان في أطوار الكمال و بإزاء كل استعداد
فعلية خاصة و على حذاء كل بدن نفس معينة فمن المحال أن يتعلق نفس تجاوزت درجات
النباتية و الحيوانية إلى مادة المني و الجنين و قد علمت أن المني لم يتجاوز صورته
حد الطبيعة الجرمية و أن الجنين ما دام في الرحم لم يتجاوز صورته درجة النفس
النباتية و التمني الذي حكى الله تعالى عن الأشقياء بقولهيا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً[1]تمني أمر مستحيل الوقوع و كذا ما حكى بقولهفَهَلْ ........
نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ[2]فقد حرم الله الرجوع إلى الدنيا عليهم إذ
لا تكرار في الفيض و الجود و لا تعدد أصلا في تجلي الوجود و أما تصور النفوس في
القيامة بصورة مناسبة للملكات و الأخلاق فليس هذا من باب نقل النفوس من بدن إلى
آخر و حركة من مادة إلى أخرى بل من باب بروز المعاني من الباطن إلى الظاهر في صور
يناسبها فإن لكل معنى صورة و لكل غيب شهادة ففي الدنيا حصلت المعاني من الأجسام
بواسطة حركاتها و استعداداتها و في القيامة حصلت الأجرام من المعاني كالظلال من
الأشخاص على منهج اللزوم لا بالحركة و الاستعداد و سيظهر لك هذا المطلب عند تضاعيف
ذكر نشأة الآخرة
المشهد التاسع في ضعف ما قيل في هذا الباب و دفع الحجج الخصوم
اعلم أن المشهور في بيان استحالة التناسخ و بطلان النقل أن البدن إذا
حصل له مزاج يستحق من الواهب نفسا فإذا قارنته نفس منتقلة كانت لبدن واحد نفسان و
البرهان و الوجدان يكذبانه و المباحث أن يمنع