نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 8
من أولي الدراية و العرفان.
ثم ليعلم إخواني المؤمنين و رفقائي المجاهدين؛ أني قد حرمت على نفسي
مناولة هذا الكتاب إلا لمن جبلت سريرته من غير تكلف على الإنصاف و تجنب بحسب
الفطرة من غير مشقة عن الجور و الاعتساف؛ من خلص الإخوان و صفوة الأحباء و الخلان
بشرط أن لا يبذل مقاصده للطبائع العنودة العسوفة و لا يبوح بمطالبه للمدارك
الوهمانية المئوفة و تقدسها عن الجلود الميتة التي كفرت بأنعم الله، و لا يستودعها
إلا للأنفس الحية كما قرره و أوصى به الحكماء الكبار؛ أولي الأيدي و الأبصار.
فإن هذه المباحث و نظائرها غامضة دقيقة المسلك لا يقف على حقيقتها،
إلا واحد بعد واحد من أكابر العرفاء، و لا يهتدي إلى كنهها إلا وارد بعد وارد؛ من
أماجد الحكماء كما قال الرئيس" جل جناب الحق عن أن يكون شريعة لكل وارد أو
يطلع عليه إلا واحد بعد واحد".
و قال المعلم الأول:" من أراد أن يشرع في علومنا فليتحدث لنفسه
فطرة أخرى" معناه: أن العلوم الإلهية مماثلة للعقول القدسية لاتحاد العاقل و
المعقول و إدراكها يحتاج إلى لطف شديد و تجرد تام و هو الفطرة الثانية.
و أذهان الخلق من أول الفطرة غير ملطفة و لا مرتاضة بل جاسية كثيفة
فلا يمكنها إدراك المعقولات المحضة كما" هي هي" و هو المسمى بالفطرة
الأولى و لهذا أولياء الحكمة و أبناء الحقيقة ارتاضوا بالرياضات الملطفة و عالجوا
أنفسهم بالمعالجات المصححة حتى تيسر لهم الخوض في بحر المعارف الإلهية و التعمق في
الحقائق الربوبية و ملاحظة المبدإ الأعلى على نحو ما يستطيع المخلوق أن يلاحظ
خالقه.
و ليس أن الحكماء الإلهيين حيث ستروا هذه العلوم و أمروا بالكتم عنها
كان
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 8