نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 430
أغمض المسائل دقة، و أعظمها شرفا و رتبة، قل من يهدي إليها من كبراء
الحكماء من المتقدمين، و من يرشد إلى إتقانها من عظماء الفضلاء من الإسلاميين، لأن
أكثر الفلاسفة معتقدون بالمعاد الروحاني فقط دون الجسماني، و الجنة المزينة
المحلاة بأنواع حليها و حللها و زنجبيلها و سلسبيلها، كناية عندهم عن إدراك
المعقولات، و الوصول إلى الحقائق العقلية، و دركات جهنم بقيودها و سلاسلها و
حميمها و زقومها، عبارة عن رذائل الأخلاق، و ذمائم الصفات، و خصوصا الجهل المركب و
العناد و التعصب في الآراء و المذاهب الذي يوجب العذاب الدائم على وجه أشد من
إحراق كل نار، و تجميد كل زمهرير.
فهم و إن كانوا مصيبين في إثبات هاتين المرتبتين للنفوس، إلا أنهم
أخطئوا في إنكار النشأة الأخرى المتوسطة بين العالم العقول و عالم الصور
الدنياوية، و هي المنقسمة إلى جنة السعداء و جحيم الأشقياء.
ثم إن أكثر الإسلاميين يرون و يعتقدون بأن الإنسان ليس هو شيئا سوى
هذا البنية المحسوسة، أعني الجسد المركب من اللحم و الدم و العظم و العروق و ما
شاكلتها التي كلها أجسام و ما يحلها من الأعراض على هيئة مخصوصة هي الصور
الإنسانية عندهم و تلك مادتها.
و هم لا يتحققون أمر البعث و لا يتصورون حقيقة القيامة ضميرا، و
اعتقادا، و إن أقروا بها، لسانا و لفظا.
فالقيامة عندهم ليست إلا إعادة هذه الأجساد المعدومة برمتها، و
الأعراض بعينها على هذه الحالة التي هي عليها الآن.
و أكثر أبناء زماننا و إن قالوا بتجرد النفس الإنسانية بحسب التقليد
و السماع، إلا أنهم في غفلة من ذلك بحسب المعرفة و التصديق، فأين هم من معرفة
النفس و إنيتها و ماهيتها و كيفية ارتقائها في الدرجات و انحطاطها في الدركات و
استعدادها بحسب الجوهر و الذات إما لأن نتردى إلى الجحيم أو لأن تترقى إلى النعيم.
فالناس بحسب ضمائرهم يجحدون تجردها و انفصالها عن الأجرام، ذلك قولهم بأفواههم و
تأبى قلوبهم، فأكثرهم لا يعقلون لو لم يسمعوا من بعض كبرائهم، و الجاهل بحقيقة
النفس و بيان ماهيتها و كيفية تعلقها بالبدن و احتياجها إلى القوى المحركة و
المدركة البدنيين
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 430