نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 405
مثقال ذرة في الأرض و السماوات" و من كفرهم في هذا ما عرف
مقصدهم.
ثم بعد التنزل و تقرير الأمور على ما قرر فلهم أن يقولوا، إنا نفينا
علمه بالجزئيات عن الحواس و نحن قائلون بالحشر في أربع درجات من الوجودات.
ثم لا يخفى على من له فطانة ما، أنه على ما قرره يلزم تكذيب الأنبياء
في عقائد شتى يجب الإقرار و الإيمان بها، و أنه حمل كثيرا من مواعيد النبوة على
وجودات لا حقيقة لها.
و إن كنت في نبذ من هذا في ريب فارجع إلى كتبه العديدة التي صنفها في
هذا تأمّل بعد النظر يظهر لك أنه بنى المواعيد كلها على وجودات لا حقيقة لها و هل
هذا إلا تكذيب الأنبياء.
ثم إنه لما كان هو الإمام و ما له من الكلام حجة في الإسلام، لم يلزم
على ما أفتى به من الفتوى تكفير المتفلسفين لو أنكروا البعث الخارجي و تشبثوا بأحد
الوجودات الأخر، و قالوا: مواعيد النبوة في النشأة الآخرة تدرك بالخيال أو العقل.
بسط مقال لتحقيق حال
الحق الحقيق بالتصديق، أن الغزالي في أكثر القواعد الدينية و الأصول
الإيمانية كان يتبع الحكماء، و منهم يأخذ كثيرا من عقائده لأنه وجد مذاهبهم في باب
أحوال المبدإ و المعاد أوثق المذاهب و أتقن الآراء العقلية و أصفى من الشبهة و
الشكوك، و كلماتهم أبعد من التخالف و التناقض من كلمات غيرهم.
و أما التكفير و الإنكار و الرد و الاستنكار الذي وقع منه في كتبه،
فهو إما بناء على المصلحة الدينية من حفظ عقائد المسلمين من الضيغ و الضلال مما
سمعوه من كلام الحكماء من غير فهم و دراية و صرف للكفر في معانيه و حراسته لدينهم
حتى لا تزل أقدامهم بما قرع أسماعهم من الناقصين و المتفلسفين، أن تعلم الحكمة
يوجب الاستغناء عن الشريعة، و أن قدم العالم مطابق للبرهان و مقتضى العقل و
الإيقان، و أن لا حشر و لا نشر و لا مجازاة في الأعمال و الأفعال إلى غير ذلك من
المجازفات في الكلام.
و إما لأجل التقية و الخوف عن تكفير الظاهريين من فقهاء زمانه إياه،
و مشهور أن بعضا من أهل زمانه حكم بكفره و كتب رسالته في تكفيره و تضليله.
و إما لأنه كان في أوائل حاله و قبل براعته و كماله في المعرفة،
مكفرا للحكماء، حيث ظن أنهم نفوا عن الباري القدرة و العلم بالجزئيات، و أنكروا
الحشر الجسماني ثم بعد ما
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 405