نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 392
و لكن لا يزال الهمة بحفظه و لا يئودها حفظ ما خلقته، فمتى طرأ على
العارف غفلة عن حفظ ما خلق، عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع
الحضرات و هو لا يغفل مطلقا" انتهى.
و هذه القوة و القدرة التي يكون لأصحاب الكرامات في إيجاد الصور
العينية في الدنيا يكون لعامة الناس في الآخرة، سواء كانوا سعيدا أو شقيا، إلا أن
السعداء لعدالة ملكاتهم و استقامة آرائهم و صحة أخلاقهم و سلامة نفوسهم عن الأمراض
النفسانية و الأخلاق الذميمة الحاصلة من المعاصي و الشهوات، يكون قرينهم في الآخرة
الحور و الغلمان و الرضوان و اللؤلؤ و المرجان و الوجوه الحسان و أنواع النعم و
فنون الكرامات، و الأشقياء لخباثة أخلاقهم و رداءة ملكاتهم و اعوجاج إدراكاتهم و
فساد آرائهم و أمراض نفوسهم الحاصلة من متابعة الدنيا و حب الشهوات و المستلذات و
ترك الامتثال للأوامر و النواهي الشرعية و متابعة النفس الأمارة بالسوء، يكون
جليسهم في القيامة الجحيم و النيران و مالك غضبان و العقارب و الحيات و الصور
الموحشة القباح و أنواع العذاب و فنون العقاب، إذ الأمور الأخروية من نعيم الجنان
و عذاب النيران و غيرهما كلها من نتائج الأعمال و الأفعال في الدنيا و توابع
الأخلاق و الملكات في الأولى، ظهرت و حصلت في النشأة الثانية و الدار الآخرة
للعباد. و الصور الأخروية أشد إلذاذا و إيلاما من الصور الدنياوية بما لا نسبة
بينهما في التنعيم و التعذيب، كيف لا، و ربما يكون المعلوم في النوم أشد في بابه
من التأثير الملائم و المنافر في الذي يراه الإنسان في اليقظة، و الأخرى لا يكون
أضعف في بابه من المعلوم، بل الحدس الصائب يحكم بأنه أشد منه بكثير، و ذلك لصفاء
القلب و صحة الإدراك و عدم الشاغل.
فالصور الأخروية هي أكثر تأثيرا من الصور المنامية و هي من الصور
الدنياوية، و هكذا يقاس صور كل نشأة و عالم إلى صور نشأة أخرى يكون فوقها بعدة
مراتب في باب قوة التأثير.
و لهذا ورد في الخبر: أن هذه النار غسلت بالماء سبعين مرة، ليمكن
الانتفاع بها، فإن حرارة النار الدنياوية تابعة لصورتها النوعية.
و قد حققنا في غير هذا الكتاب أن لكل نوع جسماني فردا روحانيا في
عالم
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 392