نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 387
فإن في الجسم الواحد الشخصي يستحيل أن يجتمع أوصاف متضادة و أعراض
متقابلة من السواد و البياض و السعادة و الشقاوة و اللذة و الألم و العلو و السفل
و الدنيا و الآخرة.
و ذلك لضيق حوصلة ذاته و قصر رداءه الوجودي عن الجمع بين الأمور
المتخالفة، بخلاف وجود الجوهر النطقي من الإنسان، فإنها مع وحدتها الشخصية جامعة
للتجسم و التجرد، و حاصرة للسعادة و الشقاوة، فإنها قد يكون في وقت واحد في أعلى
عليين، و ذلك عند تصور أمر قدسي، و قد يكون في أسفل سافلين و ذلك عند تصور أمر
شهوي، و قد يكون ملكا مقربا باعتبار و شيطانا مريدا، باعتبار، و ذلك لأن إدراك كل
شيء هو بأن ينال حقيقة ذلك الشيء المدرك بما هو مدرك، بل بالاتحاد معه كما رآه
طائفة من العرفاء و أكثر المشائين و المحققون، و صرح به الشيخ أبو نصر في مواضع من
كتبه. و الشيخ اعترف به في كتابه المسمى بالمبدإ و المعاد و في موضع من الشفاء حيث
قال في الفصل السادس من مقالة التاسعة من الإلهيات بهذه العبارة:
" ... ثم كذلك حتى
يستوفي في النفس هيئة الوجود كله، فينقلب عالما معقولا موازيا للعالم الموجود كله
مشاهدا لما هو الحسن المطلق و الخير المطلق و الجمال الحق و متحدة به و منتقشة
بمثاله و هيئاته و منخرطة في سلكه و صائرة من جوهره".
و مما يؤيد ذلك أن المدرك بجميع الإدراكات و الفاعل بجميع الأفاعيل
الواقعة من الإنسان هو نفسه الناطقة النازلة إلى مرتبة الحواس و الآلات و الأعضاء
و الصاعدة إلى مرتبة العقل المستفاد و العقل الفعال في آن واحد، و ذلك لسعة وجودها
و بسط جوهريتها و انتشار نورها في الأكناف و الأطراف، بل بتطور ذاتها بالشئون و
الأطوار و تجليها على الأعضاء و الأرواح، و تحليها بحلية الأجسام و الأشباح، مع
كونها من سنخ الأنوار و معدن الأسرار.
فمن هذا الأصل تبين و تحقق ما ادعيناه من كون شيء واحد تارة محتاجا
في وجوده إلى عوارض مادية و لواحق جسمية و ذلك لضعف وجوده و نقص تجوهره، و تارة
ينفرد بذاته و يتخلص بوجوده و ذلك لاستكمال ذاته و تقوي إنيته.
و ما اشتهر من متقدمي المشائين، أن شيئا واحدا لا يكون له إلا أحد
نحوي الوجود الرابطي و الاستقلالي، غير مبرهن عليه بل الحق خلافه.
نعم لو أريد منه أن الوجود الواحد من جهة واحدة يكون ناعتيا و غير
ناعتي، لكان صحيحا.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 387