responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 309

غير قابل للتلوث و التقذر، و لا يؤثر فيها الأمور التي يؤثر في الجسم، كما أن السواد مثلا إذا قارن جسما يجعله أسود و ينفعل عنه ذلك الجسم، و إذا قارن جوهرا عقليا لا يؤثر فيه و لا يجعله أسود، فكذلك القوة العاقلة من الإنسان إذا تجسمت و صارت بدنا إنسانيا بعد ما نزلت إلى مرتبة القوى و الحواس، لم يقدح النقائص البدنية و الأعراض الجسمية من الاستحالات و التغيرات و الأمراض و الآفات و الكثائف و الأقذار في نوريتها المحضة و نقاوتها الصرفة، بل ينحفظ مع هذه التنزلات ذاتها و تجردها و عقليتها و تقدسها عن الأمكنة و الأوضاع و الاستحالات و التغيرات.

ثم إن حسن المعاشيق و شمائلها التي يتراءى في ظواهر أبدانهم، و تجعل العقول و لها، و حيارى، و ينقطع في محبتهم عنها الصبر و السكون، ما تقول أ هي مجرد أشكال و ألوان و تخاطيط و صفحة ملساء بلا حقيقة النفس، لا أظنك إن كنت من أهل الوجدان و سلامة الذوق في مرية من أن مجرد عوارض الجسم لا يمكن أن يفعل هذا النحو من الأثر و التسلط على باطن العقلاء، لو لا أن الهوية النورية تنزلت عن مراتبها الروحانية، و تكدرت و لاحت في صور الأعضاء و أشكالها المتناسبة، و تخاطيطها الملائمة، و تسمت بالحسن و الجمال، فهي التي تدهش العقول و الألباب، و توقع في الفتن العشاق و الطلاب، مع أنها ضعفت بصحبة الظلمة و تكدرت بكدر الجسم، لا الجسم و عوارضه و كمياته و لواحقه، فإنها جميعا بمعزل عن هذا التأثير في العقول لو لا مظهرية البدن للقوة النطقية على نحو يسع له أن يقول" من رآني فقد رأى النفس".

و كما أن من توهم أن حقيقة الإنسان مجرد البدن و مزاجه، زاغ عن الحق و قصر نظره على الجسم و أخلد إلى الأرض البدن غير مرتق عن هذه الهاوية المظلمة إلى ما فوقها، فنظر إلى حقيقة الإنسان بإحدى العينين، و هي اليسرى، فكذلك من ظن أن حقيقته ليس إلا الجوهر النطقي بلا ممازجة البدن، فقد أخطأ و نظر إليها بالعين العوراء، إلا أنها اليمنى.

و العارف الكامل هو الذي يكون ذا العينين من غير عمى لا في اليمنى كالحشوية و المجسمية، و لا في اليسرى كأتباع الفلاسفة المحرومين عن المشرب العذب المحمدي، و فهم ما أنزل عليه" ص" من القرآن المجيد الذي كان خلفه" ص" الممنوعين يوم القيامة عن الشرب الذي يكون الأبرار يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ" كانَ‌

نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست