نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 266
للعقل أن يتصورها شيئا آخر غير الصورة يكون ماهيتها في نفسها قوة
شيء و استعداد أمر حادث، كما يتصور الظل معنى آخر غير الضوء ماهيتها عدم النور و
نقصانه.
و الحاصل أن نسبة الهيولى إلى الصورة نسبة النقص من حيث هو نقص إلى
التمام، و القصور- من حيث هو قصور- مقيس إلى الكمال. و قصورات الأشياء المختلفة في
الكمالات النوعية في الشرف و الفضيلة من حيث إنها قصورات متحدة المعنى، لأنها
عدمية و العدميات لا امتياز لها في أنفسها. و من حيث إن كلا منها مقيس إلى كمال
خاص منسوب إلى فضيلة خاصة غير ما يقاس إليها غيره كانت مختلفة الماهية، لكل منها
نوعية أخرى و تحصل آخر غير ما لغيره.
فعلى هذا كلا القولين حق و صواب، أي القول بوحدة الهيوليات نوعا، و
القول باختلافها و تعددها نوعا.
و أما فيما ذكرته ثانيا فهو أن النفس الإنسانية قد أشرنا بطريق
التجوز إلى أنها مجمع البحرين، و ليس من دأبنا إيراد الكلمات الشعرية و الموعظة
الخطابية مجردة عن البراهين، إذ لا اعتداد بغير البرهان أو الكشف، و الكشف التام
أيضا لا يمكن الوصول إليه في العقليات الصرفة إلا من طريق البرهان و الحدس، لكن
بإعانة من الرياضات الشرعية و الحكمية و المجاهدات العلمية و العملية.
فمعنى كونها مجمع البحرين أن ذاتها في مبدإ الفطرة نهاية عالم
الجسمانيات في الشرف، و غايتها في الكمال، و بداية عالم العقليات في السفر إلى
المعبود الحق و التدرج في الوصول إليه من حال إلى حال.
فهي صورة الصور في هذا العالم و مادة المواد في عالم آخر، فيكون حدا
جامعا و برزخا و حاجزا بين البحرين، الجسمانيات و الروحانيات منه البداية و إليه
الانتهاء من وجهين.
فإن نظرت إلى ذاتها في هذا العالم فوجدتها مبدأ القوى الجسمانية و
مستخدم الآلات الإحساسية و التحريكية التي بها يمكن الوصول إلى كل كمال جسماني و
يكون سائر الصور الكمالية و الجمادية و النباتية و الحيوانية من آثارها و لوازمها
في هذا العالم.
و كل صورة فهي جهة فعل و مبدأ أثر و غاية حركة، و الصورة الإنسانية
يترتب عليها ما يترتب على جميع الصور، و إليها ينتهي حركات الأجسام في
الاستعدادات
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 266